"وأمضي في جنوني
طالَ الغيابُ
اخترتُ وانتهى
مسكونةٌ بالخوفِ
هو طائرٌ، وكائنٌ نادرٌ
سبقَتْ خطاهُ منحدراتِ الحياةِ
يدقُّ أوتادَ السّرابِ برفقٍ
في وتينِ الذّاكرةِ
يصبُّ نارَهُ الباردةَ
بركانٌّ رماديٌّ
أنمو على فوّهتهِ
مثلَ شمعةٍ تكسرُها الرّيحُ
مبعثرةٌ أصابعي
مرهفةٌ
مثلَ فرحٍ ناقصٍ
حزينةٌ مثلَ وطن مهجور
شفّافةُ
تنزلقُ مثلَ نورسٍ
يشقُّ الموجَ
غامضةٌ
مثلَ دمعةٍ تفرُّ من حنجرةٍ عاشقةٍ
و أمضي في جنوني
اخلاص فرنسيس
قراءة بقلم فاطمة قبيسي
اخلاص فرنسيس الصديقة الغالية ألف مبروك المولود الجديد "وأمضي في جنوني" فحروفك كالنور تدخل وتنعش كل قلب يبصر.
"وأمضي في جنوني" ديوان شعري تستحق عليه الشاعرة المتميزة اخلاص فرنسيس كل تهنئة نظراً للمجهود الكبير التي بذلته في الإبداع الشعري,, وليس ذلك بغريب,, فلقد تعودنا منك دائماً صديقتي الغالية الروعة والتألق والإبداع وإلى المزيد والمزيد من النجاح والأبداع.
قبل الدخول في ديوان "وأمضي في جنوني" تأملت كثيراً في العنوان الذي أبدع الشاعر جميل داري في تشريحه ووصفه بالرسول الأمين للديوان الذي نقل لنا رؤى الشاعرة اخلاص فرنسيس,, والعنوان لأي عمل مبدع له وظيفة أساسية هي تحديد هوية النص,, خاصة إن دل على حالة محددة بخيال الشاعرة,, هذا الخيال المؤسس للمواد الأولية لدلالات عميقة للتعابير الشعرية التي تعمل على تحفيز القارئ للتأويل وفق مايناسب خياله الفكري.
تذكرني سفيرتنا المبدعة الأديبة المتألقة دائماً اخلاص فرنسيس بقول لجبران خليل جبران : "ليس الشعر رأياً تفصح عنه بل هو تغريد يفيض من جرح يدمي أو فَم يبتسم",, فمع حروف الشاعرة نجد أنفسنا أمام حالة معينة والانحياز لها ودفاعنا عنها بكل قوتنا لعذوبة وإنسيابية الشاعرية المتدفقة كما الطائر المنطلق إلى حريته فرحاً بها,, هكذا هي لوحاتها المرسومة بحروف البوح الداخلي التي سلكت طريقها إلى النور بتعبيرات الحب والحنين,, الوجع والألم,, الوطن والغربة,, بيروت الموجوعة المنكوبة بمأساة الإحتراق بنار الفساد,, لكن من عمق الألم تبثنا الشاعرة الأمل خاصة في عنوان ذهبي مميز بدلالاته "لابيروت بعد بيروت" بيروت الحضارة والثقافة والحب والجمال,, بيروت الأبجدية وبيروت ست الدنيا,, نجدها هنا تصرخ من أعماقها أنه لايمكن استبدال بيروت لأنها ستعود كما عودتنا دائماً شامخة شموخ الأرز حاضنة لأبنائها ولجميع قاصديها,, فكل تلك العواطف الوجدانية الجياشة التي تراكمت بحرارة الغليان داخل الروح,, وجدت طريقها ومتنفسها وإخماداً للهيبها في ديوان "وأمضي في جنوني".
"وأمضي في جنوني" طاقة الحياة بعبق الحب,, فقد أطلقت الشاعرة اخلاص لروحها حرية الحركة محلقة كطائر أُطلق من زنزانة الاعتقال إلى سماء العشق,, ليغرد على أغصان الحياة ناثراً الدفء والحب,, حالماً بغفوة في ظلال أشجار البراري.
"وأمضي في جنوني" ديوان تغريدة الروح,, تجسيد لجمالية المشاعر الإنسانية بصدق وشفافية,, ومتعته ليست في كتابته فقط,, وإنما المتعة الكبيرة في قراءته,, ففي قراءة الشعر المبدع تحرير للعقل من القولبة والقيود المجتمعية,, وهذا مالمسته مع كل جملة شعرية قرأتها في الديوان,, لقد كانت دعوة للتأمل والغوص في المعاني والرموز وصولاً إلى عالم الشاعرة الخيالي المبدع.
وكما يقال: الشعر ليس مهنة ولا هواية بل هو وحي من السماء يمطر بداخل روح مفعمة بالمحبة والحلم والخيال,, إنه الإحساس و المشاعر العميقة,, وبذلك ترجمت أبيات الديوان نظرة الشاعرة للحياة من زواياها اللامادية وقد أدركتها شاعرتنا العزيزة بحسها المرهف وروحها الجامحة المتصالحة مع ذاتها وبقدراتها الرائعة وشفافيتها المطلقة التي أثارت المشاعر وحركت الأحاسيس لتصطحبنا برحلتها نحو الجمال.
"وأمضي في جنوني" بالأضافة إلى كل المعاني التي يحملها رأيت فيه وعداً من الشاعرة لانتظار المزيد والمزيد من الإبداع القادم,,
ألف ألف مبروك الشاعرة اخلاص فرنسيس,, أنت تستحقين الكثير والكثير,, لأنك الوطن,, لأنك الحب ورائحة المطر,, أنت الماضي الجميل والغد المشرق,, فروح لبنان في حروفكِ ونفحة الحب في معانيكِ,, دمتِ أديبة وشاعرة راقية الحضور ورمزاً للجمال والعطاء والتألق,, كل التوفيق والنجاح الدائم أتمناه لك صديقتي الغالية جداً وجداً وجداً
فاطمة قبيسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق