أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts

******* أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts *******

الخميس، 25 فبراير 2021

دويتو النص الجميل والكلمات المذهبة جذبت حروفي لتعانقها و حفزت الكلمات لتحلق معها.. محاولة مشاغبة للرد على نص رائع للرائعة غادة فرحان الصباغ..عبدالرحمن مجمد


عبث...
غادة فرحان الصباغ
يقتلني الصمت
يكتب اجمل
فصول الرواية
يطلق سرب عصافيره في فضاء البياض
نصل بارد
هو الوقت
يشف به لحمي البض
يصنع لي في المرايا
جسد غانية تمارس الغواية
يكتب لي أدواراً منسية
من عتمة كواليس مسرح الحياة
يعود..
أوديب عابثاً
عاشقا
يمارس ادوار الخطيئة
يحمل أشواكه
و اجراس الدير الريفي يعلن الصمت..
و المقبرة مثل الظهيرة مملة
اكليل من الاشواك
و المسرح يضاء بمصباح شحيح
مدام بوفاري تسرق الضوء
كثير من العبث
كثير من الهلوسة
و صمت ابدي
بقعة مظلمة..
تصفيق حار..
هياج
و بياض يصعد في عتمة المسرح
لا زال يصعد..
Nour Alshams
دمشق 25/2/2021

.........
يقين..
يصعد البياض في قلبك
يتوضأ بماء الرهبة
يتعمد على حافة
القلب
الدهشة تنمو
تتسلق لبلابة نحو النجم
نجمة في زوايا سماءك
سماء من ارجوان
وقمح
والبيادر مواسم فرح
دعي الحروف تسامر
نشيدنا
نشيد تكتبه
الدمعة
تشعله رغبة
تدفنة في زاوية الروح
زاوية يستوطنها بوح
بوح ما زال يرتجف
من رهبة الحضور
ورعب النأي
تعالي نرسم لليل جناحين
نسرج الريح مهرتين
نمتطيهما صوب اليقين
يقين يبدا باحرف عشق
وينهمر وردا
على بيداء العمر
يبدا كرنفاله
بعناق كفينا
و رقص السامبا لاصابعنا
تعالي قبل هروب اللحظة
قبل ان يغزو الضجيج
اذن الهمس

جزيرة الوهم قصيدة/ فریدون سامان


رأسي غرفة
تعج بالدمار والويلات
الخيال فيها رب البيت
والفكر حل ضيفا عليها
والعيون المحدقة
تعاني من سهر الليالي
ما من ليلة تمر
دون ان ينفصل
رأسي عن جسدي
في جولة سماوية أبدية
في متاهات الفضاء اللامتناهي
فلا يحمل معه بطاقات الموت
يحتضنه مهدا لطفولة
مستغرقا في حلم عميق
عسلي لذيذ
داخل طيات منحل عسل الأحلام
النحلة ثعبان هائج شرير
والعسل سم قاتل
بيتي في جزيرة الوهم
مأوى للأحلام والخرافات
والقمر في قصره الزجاجي المنيف
مستهدف لرماة الاحجار
ففي لحضات احتضاره
ينزع عن نفسه رداء الضوء
الذي يتلفع به
كاشفا عن اسرار اغترابه
وأشعة الشمس
تقطر دما قانيا وقد
نفشت شعر رأسها
في مأتم الليالي السود
فالسحب الداكنة الحبلى بالمطر
تهطل مدرارا
كدموع غزيرة
وحقول البسمات السندسية
تحولت الى اعشاب
جافة صفراء ذابلة
فهي تتساقط على الدوام
وعلى مدى الأيام
أواه ماهذا الكابوس المخيف
الذي نتقلب ساهرين
في دياجير احضانه
يداعب النعاس دوما جفوننا
فلاتتيسر لنا
فرصة نهتبلها حتى نسلم
الأحلام الصرعى
الى الفراشات الهاربة المذعورة
أنا الدفان الذي أهيء
لنفسي قبل موتي كفني
متمعنا في قطرات الندى الحزينة
المكلومة الفؤاد
على الاوراق المتساقطة الذاوية
في روضة الزمان
والتي قضى الجفاف على خضرة اعشابها
وعلى كل نظرة مني اليها
اصب سيلا هادرا من الدموع
على سراب صحراء جزيرة غربتي
وآلامي وعذابي الصامت
ان ثمار الاشجار الخضر الظليلة
هي الفواكه الحلوة اللذيذة
التي تلهم روحي في مقارعة
كابوس أي هجوم ليلي مباغت
في هذه المعركة السرية غير المنظورة
وع بدء رحيل الأمواج الهائجة
ومع خبايا غضب الطوفان
القي بنفسي في لجة البحر العميق للخيال
فتبتلعني الامواج المجنونة
قليلا قليلا ثم أغرق أغرق
في عمق دهاليزها المظلمة المليئة
بالاسرار والأساطير
بسبب ما يرثيني ويهز كياني
من ذكريات اليمة تذكرني باستمرار
بمراهنة الملاحين عند الصيد
وهجرة السفينة المحطمة
الى متاهات اللاعودة وظلماتها
ذكريات موت الصيادين
وفقدانهم لصنانير الصيد
ذكريات عنفوان أمواج البحر وهمجيته
عند شنها للهجمات القاسية على جثث الرمال
ذكريات انتحار الأسماك
بصورة جماعية
ذكريات السابلة
من المسافرين الذين
تاهوا وضلوا طريقهم
في سراب وصحاري الأحلام والآمال
أنا جسدي قد انفصل عن رأسي
فيداي لاتتلاحمان ولاتتكاتفان
ورجلاي لاتتعانقان ولاتتساوقان
لأنني فريسة بين فكي
عفريت هائل عظيم يلتهمني
بشهية وبدون رحمة
حاملا على كتفيه اربعة رؤوس
رأس من عاصفة شديدة
لايخترقها صراخي لأنه ينبعث
من عقيرة ذاوية ذابلة
فحيثما وجدت للكلمة جذور
اجتثها واستأصلها من الأساس
ورأس أخر من نار حامية لاهبة
تنطفىء بين شراراتها
جمرة الضوء داخل حدقات العيون
ففيها الجهنم يقود
حلقة الرقص الازلية
للشرارات واللهب
ورأس ثالث من تراب
يكتنفه قبر ضيق من اليأس
تستمر فيه رحلة الساعة
بدون اية كبوة او وقوف
على صفحات فهارس اجندة الفصول
التي غطاها غبار كثيف
ثقيل الوطىء للزمان
والرأس الرابع الأخير فمن ماء
في حين ان كل شبر في هذه الجزيرة
يمور بمسيلات هادرة
للأنهار والجداول والينابيع
ورغم ذلك فهي تعاني من الظمأ
فبلعوم ضفافها جاف
وأثداء سنابل القمح تعاني
من رمق القحط والجوع والجفاف
ليالي السهر عيون مرهقة
غير أن صمتي ينطلق هادرا مدويا
ويخاطب الدنيا بألوف اللغات
ولون جسدي ينبوع نافورة
من دم متدفق فوار
يتقطر من جسم جريح دامي
جراء حرب أخوضها منذ الازل
أنا تخلفت في جزيرة
هي قلعة دفاع حصينة
للوهم والخيال والاحلام
ومأوى لتوسلات وتضرعات المتسولين
هي ذراع مكسور لمؤرخ
يدون به تاريخ حياة
غسالي الموتى ودفانيهم في القبور
هي نصل لسان حاد قاطع
يحتك بالجراحات فيثيرها ويستفزها
هي فأس بتار في يد سوداء
لايمر يوم دون أن يقطع
غصنا من اغصان شجرة روح الاله
هي قارئة كف تقرأ خط القدر
من خلال خطوط الفنجان والتوائاتها
فيستشرف الطالع والأقدار المرسومة له
هي موجة ذكرياتي المؤلمة في جزيرتي
لم تترك ابدا ضفاف حبي الطفولي
هي عذابات عاصفة عاتية هوجاء
هبت على سراب صحراء
في زمن ملعون رديء
(مزدا) 1 قد سجل لـ(أهريمن) 2
والفضاء سقف بيتي
فكل شبر من الارض فيه
يلهث دوما وراء الظل
حتى يقتفي آثار خطواته
ويقف على اخبار محطات الوقوف
في أعماق نفسه
بيتي اتخذته السحب الداكنة السوداء
وكرا لها
القوس قزح كان ضوء للمشاعل
وجدران البيت استحالت الى
رياض فواحة غناء
وصخور الجدران تفتحت بين ثنياتها
الورود الجميلة التي تعبق الشذى
السماء خالية من أي بصيص
من ضياء أبلج نوار
والاعماق تتلفع بالسكينة والهدوء
فليس هناك موطىء قدم
لحدات تطير في عنان السماء أو لطائر السنونو يتسابق في لعبة
مضحكة مع زميل له
وكذلك فليس هناك اي مسار
لنجمة تزحف في الفضاء اللانهائي
الشفق جهجهة عصفورة تائهة
على شفاه النباتات
والكلمات لاتزين الوجوه القبيحة
للصور الميتة
العشق نبع بلا ماء دافق
ومخاض كله عذابات والام
ليس له مستقر
في القلوب الحديدية الميتة
ألايحق لنا إذا
أن نهدم جميع المعاقل والربايا
ونرفها فنسويها مع الأرض
مع اطلالة كل سنبلة قمح
ومع كل بيضة حمامة
تنضج وهي تفقس
نحن ركاب سفينة تائهة
في متاهات بحر لجي هائج الامواج
تعج بالدوامات المهلكة التي
تحمل معها الموت الزؤام
يقودنا اليها ملاح متهور جموح
أمواج عاتية
براكين ثائرة
ضفاف مزروعة بالمتفجرات
زمام أمورنا قد أفلتت من أيدينا
ونحن نحث الخطى صوب وهم
سوف لن يتحقق ابدا
فوا عجبا نحن على
غير دراية عما يجري حولنا
فلا علم لذاتي
نسلم مصيرنا الى الطوفان ...
ترجمة/بلال عزيز
May be an image of 1 person, sitting and indoor

بوابات البوح ... فدوى حسن

على بوابات البوح
ننتظر الحروف
كل الكلمات صاغرة خجولة
تقف أمام ألمنا مأسوفة
تواسي خيبتنا
لا نقوى على الطرق
باب البوح العنيد
أقفاله صدئة
عيون الأنتظار فُقِأت
تعبت منها المقل
جلبات البوح الصاخبة
المعبقة بالعتابات
لا تستسيغها الأذن
الأثير المسلوب من الفضاءات
مهزوم سليب
صمتنا المذبوح يخفي وجع سرنا
شتاء قارس يشتهي الدفء
ونحن مدثرين بمعطف الخيبات
لم نعد نتقن رتقه
ثقب الإبرة لا يلائم حدة الرؤية
وثخن الخيوط المتشابكة
صراخ يتعالى
ضجيج الأفكار
يثقل الخطوات
الأقدام الخذلة لاخيار لها
إلا التراجع مسافة خطوةأو أكثر
كالوليد نعاني عذابات الفطام
والوحدة والإنكسار
أي خذلان ذاك الذي يقهرنا
بين شاطئي النوايا
شاسعا كان اليم
واسعا كان الفرق
شغف مسلوب من حنايا الروح
يد الرجاء كسرت
وخذل كل ذاك العشم
وولى إلى غير رجعة
معطوبة كانت الأماني
لم تقبل التفاوض
نحرت على مصاطب الوقت
بالتفاتة واحدة
ماض مصدوم
لا يقبل المكوث على شرفات الحاضر
نزعنا عنه عباءة الذكرى
وقفنا على باب النسيان نطرقه
نزلزله
قرعنا نواقيسه
صخب النبض
في زوايا الوقت الحادة
فطن لنا
دقق النظر في وجوهنا الشاحبة
هرمنا ...بين يوم وآخر
بين وجع وآخر
بين عثرة وأخرى
دمع شيمته الصبر يأبى السقوط
فؤاد عجوز بوسع العالم لم يعد يكفينا
فاض بما فيه
حسبنا الله وليا ونصيرا


نحت في الأزقّة القديمة،،،، الأديبة اللبنانية إخلاص فرنسيس



نحت في الأزقّة القديمة، وبيت ما زالت جدرانه تحمل لوحات أسطوريّة، وعبق عائلة اندثر بعض أفرادها إلى غير عودة ، هل العالم الآخر هو النهاية؟

 لا، بل تبدأ منها مرحلة أخرى في عالم الأساطير والأرواح، هذا البيت المترع بالضحك كما الدمع، هذا البيت الذي يطوي في ثناياه ذكريات الحنين، ينأى عن صخب العالم الحديث بعيداً في عمق الذاكرة والوحدة. 

"إلى "الفتاة الخجولة" كتب في زاوية اللوحة التي تتوسّد الحائط في هذا المنزل المنكوب، كأنّها رسالة من زمن مضى، كتبت بخطّ يده، أو نبوءة عمّا سوف يكون في المستقبل. كم من المرّات نخطّ مستقبلنا دون وعي منّا، نجتهد في وصفه ورسم حدوده على الورق وفي أذهاننا، وننسى أنّ ما نكتبه يلزق بنا مثل لعنة، ونصبح ملزمين به دونما أدنى وعي منّا.

 هكذا هي الرسائل نخطّها من ماضٍ إلى مستقبل، هل هو كتبها أو هناك من تسلّل إلى روحه، وكتبها عنه؟ 

أحياناً ننسى ما نتفوّه به، وننسى تصرّفاً ما حتى ننسى خطاباً كتبناه، ويأتي ليشهد علينا بإصبع الاتّهام: نعم أنت كتبت، وكنت حاضراً جدّاً في الحروف، وكنّا نحن هنا، وهذه الاحبار هي الشهود، وهذه الطوابع وحياتك هي الشاهد الأول، وتلك السطور تنداح في الخيال، لتصبح الشرك الذي نقع فيه، والمتاهة التي نضيع فيها بإذن من اللاوعي فينا، والباطن الذي أصدر الأوامر، فكتبنا.

 الأرواح تسافر بعد الموت إلى الأماكن التي كانت تقطنها سابقاً، وإلى الأماكن التي أرادت، ورأت فيها أجمل اللحظات، ومن جهة أخرى تسافر، لتزور الأماكن التي اختبرت فيها أشدّ أنواع الوجع.
 ق
ال لي وهو ينظر في وجهي لا ينتظر منّي أيّ جواب بالإيجاب أو السلب، واستمرّ يقول: من يفتح باباً مغلقاً في مدينة مهجورة، ومن يفتح باباً خلفه تكوّمت الأرواح المتوجّعة ليطلقها، هو ذلك الإنسان الذي اتّحدت روحه بتلك الأرواح، وعاش مصابها، وتألّم لوجعها، وانصهرا معاً في لحظة علويّة مقدّسة. إنّ الألم هو الذي يقدّس الروح، هو الطريق إلى الإبداع، هو اليد الخفيّة وراء كلّ ما ترين الآن في هذه اللوحة. حدّقت طويلاً أحاول أن أفهم تاريخ اللوحة، لم يكن بعيداً بعد، وما زالت الأتربة والغبار الأسود يعلوها، وما زال الركام يغطّي الأشياء. لوحة تحرّك الدواخل بقوة عجيبة، وتجعلك تصمت من الانبهار والدهشة، ليس الإعجاب العاديّ ولا الدهشة التي يفغر لها الفم بل تلك الدهشة التي تمتصّك من الداخل، تفتّت فيك أصغر عناصرك الإنسانيّة، حيث لا تعود قادراً على أن تتنفّس، تشعر بالاختناق كأنّك في عاصفة صحراويّة، تحاول أن تكمّ فاك، وتغلقه كي لا تبتلع تلك الحبيبات الرمليّة. عبثاً يذهب الجهد، وتبلعك الرمال المتحرّكة، وتخنقك، وأنت أمام لوحة بدت كأنّها من أزمنة غابرة. ما عدت قادراً على الكلام قال، وجلس على كرسي قريب بعد أن نفض عنه الغبار الذي علا في جوّ الغرفة، والتفّ حولي يخنقني، فركضت نحو النافذة. احذر، فضرفة النافذة معلّقة بمسمار واحد لم يتح لي الوقت بعد كي أصلحه. حاولت أن أسترخي قليلاً، ألتقط أنفاسي، وعدت إلى مضيفي، وإلى اللوحة التي أمامه، فقال: كانت تنام هنا على هذا السرير، وكانت البنات يلعبن في غرفهنّ، وكانت أصوات ضحكاتهنّ أعلى من راديو الجيران، وصوت ضجيج الشارع. مررت بهنّ في طريقي لغرفة النوم للسلام، ولم يكن أيّ سلام.

 لقد بدأت الذكريات المرّة تهطل عليه. تشنّجت يداه اللتان تنامان في حضنه،  وبحركات لا إراديّة تعلو، وتهبط ترسم وصف شعر كلّ واحدة منهنّ، أنوفهنّ وعيونهنّ. إحداهنّ كانت قمحيّة، ذات عيون واسعة تشبه أمّها كثيراً، والأخرى كانت بلون بياض الثلج مع الشعر الأسود الذي كانت تشبه جدّتها أمّي إلى حدّ كبير حتى إنّها كانت تحمل نفس الاسم. الأسماء كالكلمات نهبها لأطفالنا، ومعها نهبهم الصفات والأشكال لمن سبقهم 

في حملها.

 قال وهو ينظر باتّجاه اللوحة المخنوقة بالغبار السميك، لم أحمل من الجرأة الكافية كي أسأل، بل بدا لي كأنّه يتنفّس الحنين والشوق والألم من عينيه، وبأنّ هناك جبلاً جاثماً على صدره، وثقلاً على كتفيه.

 حاولت أن أجد طريقي وسط المصطبة المليئة بحطام الأشياء والزجاج المكسّر، اعتقدت للوهلة الأولى أنّ قوة الانفجار دفعتها خارج النافذة. تلك النافذة، مشيراً بيده. ناديت، لم أسمع أيّ صوت، كان الغبار والدخان يحجب الرؤيا. تحسّست طريقي وسط هول الانفجار، الغبار والذهول نحو النافذة، أنين من تحت قدمي، لم أكن أرى الغبار والدخان والركام والحطام، والأنين أفقدني صوابي، هنا واحدة، أين الأخرى؟ كومة سوداء على السرير يا إلهي، لم تكن هناك بل تكوّمت الأتربة والأغطية، كان لا بدّ من مستشفى، حملتها بين ذراعي، وركضت في الشوارع أستغيث.

 وضع وجهه بين يديه مردّداً: نسيت ابنتي الأخرى، نسيت ابنتي الأخرى، بصوت مخنوق يردّد، ويتلوّى أمامي ثمّ قام واتّجه مسرعاً نحو اللوحة التي على الطاولة.

 لقد التقط هذه الصورة واحد ممّن أتوا للنجدة بعد الانفجار بدقائق معدودة، وجدتها فيما بعد على مواقع التواصل الاجتماعيّ، أخذها في حضنه. لم أسأل عن الضحيّة التي تحت هيكل سيارة محطّمة، ترتدي قميصاً كان بالأمس أبيض، تغطّت ملامحها بالأتربة الممزوجة بالدماء، الزجاج خارج من جسدها الغضّ.

 اجلسي قال، لقد تركت لك النافذة مشرعة كي تعودي من حيث خرجت، ها أنا أعدّ لك طعام الفطور وحقيبة المدرسة، أحاول أن أمسح الدم عن وجهك، لكن لا   أستطيع، عالقة أنت داخل الوجع في هذا البرواز. يمسح بيده دون جدوى، حملت حقيبتي، وخرجت إلى الشارع مخلّفة ورائي كيان رجل مخلّعة نوافذ روحه، يحتضن الركام، يبحث عن ابنته، ينتظرها كلّ صباح ليعدّ لها الفطور دون ملل ولا كلل.


الاثنين، 22 فبراير 2021

حب في الستين .....عبدالله بوخمسين من ديواني ( إلى حبيبتي الأحساء)



كنتُ من قبل دفيناّ هائماّ بين المقابر
كنت لا أعرفُ إلا الهم والحزن المسافر
كنت أعمى في حياتي كنت صخراّ في المحاجر
كنت تمثالا غبياّ كنت كالأوهام عاثر
كنت كالأغصان في فصل ربيعٍ غير ماطر..
أنا في الستين!!!
لا أدري إذا كان طريقي اليوم سائر
فإذا بي صدفة كالنسر في الأجواء طائر
وأدوي مثل رعد في سماءٍ بالمخاطر
مذ عيوني؟
أبصرت فاتنة القد وسوداء الظفائر
قلت في وقت لقائي..
أنتٍ أنتٍ
أنتٍ ياسر وجود الكون ياسر البشائر
أنت يا فاتنة الدنيا ويا روح المقامر
أنت ياملهمتي الإبداع والحب المجاهر
أنت يا منقذتي من كل أحلامي البواتر
أنت ياعمراً إضافيا سيبدو اليوم باهر..
أنت في العشرين
لاتدرين؟
أن الحب في الستين ثائر
أنت كالجمرة قد تلهبها أحضانُ شاعر
أنت رعدٌ أنت برقٌ أنت غيثٌ ومخاطر
أنت تدمين المحاجر
أنت أزهار رياضٍ في جنان الخلد صائر
أنت دقات فؤادي وفؤادي غير قادر..
أنت يامرهفة الإحساس في كل المشاعر
أنت إحساسٌ عميقٌ أنت دمعٌ غير غائر
أنت يا لحناً حقيقياً مع الأنغام هادر..
أنت يا دمعة حبٍي
أنت يا أحلي الأماني
أنت يا أرقى الضمائر
أنت يا وردةَ روضٍ شاقها حبٌ مكابر...
أنت يا راقصةّ فوق غدير وجعافر
أُرقصي لي
وخذيني
إنني أنتظر الرقص الذي يشفي البصائر
واحضنيني
بين آهاتك حتى تدفئي روح المغامر
أنت ياناهدة والنهد للعينين ظاهر
لونه الخمري ياسيدتي؟؟
خمرُ معاقر
مزق الثوب الذي
قد ضم هاتيك الجواهر
رافضاً كل ستار ملغياً كلَّ الحرائر..
قد تدلت خصلةٌ فوق نهود كالأزاهر
فأزاحتها نسيماتٌ لتبدو دون ساتر
فبدت.. كالشمس مابين سحابٍ غير ماطر
شعشعت أنوارُها حين تجلت للنظائر
فأدرتُ الطرفَ حتى أرمق النور المهاجر
فسبتني وكوتني آهِ من تلك الجواهر
وعرفت الحب
إن الحب في الستين ثائر!!!!
عبدالله بوخمسين
من ديواني ( إلى حبيبتي الأحساء)

قبلَ مجيءِ النهرِ.....اخلاص فرنسيس


قبلَ مجيءِ النهرِ
كانَ يقيسُ الزّمنَ
على وقعِ نجمةٍ شرودٍ
بينَ الطحالبِ المتناميةِ
تسبحُ في مرآةٍ قفراءَ
في سردابِ الرّملِ
يلاطفُ لحظةَ الصّمتِ
يزدانُ بالعزلةِ.. يتملّقُ الموتَ
يتنازلُ عنِ النّسيانِ
وبشفاهِ البرقِ يمرُّ على جسدِ النّاي
يتقاسمانِ رمادَ الرّيحِ
يزرعُ ثقوبَها قلبٌ وغروبٌ أزرقُ،
يغرّدُ النّهرُ، يمهّدُ الجبالَ
يرشحُ شمعٌ أحمرُ
يتلفّعُ الحشودَ.. يسرجُ الهواءَ
يتأرجحُ السّحابُ فوقَ شجرِ الكلامِ
اخلاص فرنسيس

فاطمة قبيسي قراءة في المجموعة القصصية على مرمى قُبلة:



تعالج الكاتبة إخلاص فرنسيس بمجموعتها القصصية ’’على مرمى قُبلة’’ مجموعة من الحالات الإنسانية,, وصعوبة هذه المجموعة القصصية في بساطتها لانها بأسلوب السهل الممتنع الذي معه نعتقد بسهولته,, لكن مع دخولنا في الاعماق نتفاجأ بأحداث ومعان كثيرة ومتعددة,, تستدعي منا التوقف والقراءة المتأنية لمفاتيح ومفصليات الشخصيات التي رسمتها الكاتبة في قصصها,, إنها مجموعة بسيطة لكن تعقيدها في بساطتها,, فهي تجبرنا على التأمل في الحياة بنظرة إيجابية والتوجه إلى الإنسان لفتح دهاليز المجتمع المقفلة لتجعل من الإنسان البسيط والمثقف إنسانا واحدا يسير مع متغيرات الواقع البشري.
عندما حصلت على النسخة الورقية من المجموعة القصصية ’’على مرمى قُبلة’’ إنتهيت من قراءتها في جلسة واحدة,, أما الدافع الاولي فكان أنه في النسخة الورقية أحسست بروح الكاتبة في كل حرف,, وكان التقارب مع الشخصيات لدرجة الشعور بالحوار معهم,, والدافع الثاني هو ماوجدته من اختيار رائع لأمور دقيقة في حياتنا وتحويلها كتابة,, بالرغم من أنها أمور نشاهدها دائما وتمر على أغلبنا كثيرا,, ولم ننتبه لها لاعتبارها أمور عادية حتى فقدنا الإحساس بها,, قصص من الواقع لم ننتبه لها حقيقة,, لكن الكاتبة إخلاص فرنسيس أعادت إلينا الشعور بها,, والإحساس بألم ووجع شخصياتها الذين كنا نسيناهم.
لقد توغلت إخلاص فرنسيس بأسلوبها المتميز في الدخول الى النفس الانسانية لترسم الصورة وتستلهم الفكرة وتأخذ بالقارئ للغور في عمق تلك النفوس ومس الوجدان والضمير,,لقد نفذت ببراعة الى الآلام المجتمعية وعرت الحقائق المخفية,, ووصفت أحاسيس شخصياتها وخلجاتهم وصفا دقيقا معبرا,, كما أنها تركت في كل قصة جزء من ذاتها,, فكتبت عالم الواقع بقطع من الخيال السردي,, وجعلت القارئ يريد أن يبقى مابين الصفحات لأطول مدة ممكنة,, عندها أدركت كم نجحت الكاتبة بتقمص شخصيات المجموعة القصصية وكأنهم يدونون قصصهم بأنفسهم,, لقد سبرت أغوار النفس البشرية بكل تألق وإبداع.
إخلاص فرنسيس قلم سينمو ويتطور أكثر وأكثر في عالم الأدب,, لقد كانت رحلة ممتعة مع ’’على مرمى قُبلة’’ برسم مبدع ومميز لكاتبة غاية في الروعة .
تحياتي للكاتبة المتألقة والمتميزة الصديقة Francis Eklas مع تمنياتي لها بدوام التوفيق والنجاح.


قصة قصيرة لأنّ الشمسَ هنا الآنَ والحياة...... اخلاص فرنسيس



صعدتْ على درجاتِ المركبِ، كانتْ تصارعُ كي تحفظَ اتّزانَها.
الكعبُ العالي، الثوبُ الطويلُ الأزرقُ عاري الكتفين، الشالُ المرصّعُ بالوردِ الأحمرِ يقيها بردَ كانونَ القارصَ، لكنْ لا بدّ أن تعبرَ النيلَ، لا بدّ أن تملأ صدرها من رطوبته، تتّكئ على الريح، لا تريدُ أن يمسكَ أحدٌ يدَها حرّةٌ كالفراشةِ المحنّطةِ داخلَ الزجاجِ في متحفِ علي باشا. آواهِ، قالت كيفَ لهم أن يحتجزوا هذا الجمالَ داخلَ الزجاجِ؟ في قرارةِ نفسِها تتألّمُ، ألسنَ صديقاتِ طفولتِها، أليست سلسلتها شرنقةً كانتْ على كتفِ الأقاحي في الوديانِ، معلّقةً في سقف المغارةِ في باطن الجبلِ القريبِ؟ هزّها النسيمُ ذاتَ ليلةٍ بعصاهُ السحريةِ، عندما مرّ في تلكَ الليلةِ شهابٌ فضيٌّ آتٍ من بلادٍ بعيدةٍ. تألّمت فانزلقتْ روحُها من الشرنقةِ، وتخطّتْ طورَ الولادةِ، لتكونَ أنثى بروحِ فراشةٍ. في أزقّةِ الليلِ سارتْ تبحثُ عن طيفِه، تعبرُ الوديانَ والجبالَ، تنادي الكهوفَ، تردّدُ صدى النداءِ. عبرتْ صحارى، عطشتْ لقطرةِ ماءٍ، غابتْ عن الوجودِ، وأسلمتْ للسكونِ جفنيها، فعانقَ الكرى العيونَ، وحينَ استيقظتْ كانتْ في الأرضِ السمراءِ.
معفّرٌ وجهُ المساءِ بغبارِ الأزقّة، وصوتِ عرباتِ الخيولِ. ها هي سفينةٌ فرعونيّةٌ، ماذا يمنعُ أن تقضيَ فيها الأمسيةَ؟ دلفت من البابِ المذّهبِ، خطفتْها الألوانُ مرةً أخرى، جدرانٌ مزركشةٌ من عصورٍ غابرةٍ. مضتْ، قبضتْ بيدِها صدرَها بشدّةٍ، تُخفي وعكةً داهمتها. تدافعَ الأطفالُ والرجالُ والنساءُ من حولِها، كادَ يُلقى بها في الماءِ، الكعبُ العالي، الفستانُ الأزرقُ، النيلُ، وصوتُ الموسيقى يتسرّبُ إلى أذنيها. قادَها النادلُ إلى الركنِ المحجوزِ، سكينةٌ في عاصفةٍ. تناولتِ الكأسَ أمامَها، سكبتْ لها نبيذًا أحمرَ، رفعتْ عينيها، فتراءى لها كأنّ الجداريّةَ أمامَها تتحرّكُ.
عازفةُ الناي نزلتْ إلى المقعدِ الوثيرِ، تبعَها حاملو الرقوقِ والدفِّ، وصوتُ قيثارةٍ، وعازفُ عودٍ، انسابَ من الجدارِ، وراحَ يضربُ بأناملهِ الوترَ.
تحرّكَ المركبُ، لم يتحرّكْ، رقصَ الشبانُ، لم يرقصوا، نامتِ الشمسُ في النيلِ، واستيقظَ القمرُ. هي الركنُ الهادئُ في هذا الصّخبِ، وهو الهاربُ من جدارِ الزمنِ.
أعطتهُ يدَها
وراحا معاً يقطعانِ الطريقَ المتعرّجَ نحو رأس الجبلِ، تتّكئ إلى كتفهِ، يشدُّ على يدِها كي لا تنفلتَ منهُ.
الطريقُ متعرّج طويلٌ جدّاً، ورائحةُ الصباحِ الآتيةُ من عمقِ المحيطِ تلفحُ أنفاسَها.
لم تصدّقْ أنها وصلتْ في نهايةِ المطافِ ، لتستريحَ في حضنهِ، وتمسحَ بكفّيها غبارَ الانتظارِ الطويلِ عن جبينهِ المتعبِ.
لم ينمْ ليلةَ أمسِ، أرقٌ لم يعرفْه منذُ سنينَ، وفرحٌ مباغتٌ أقربُ إلى الأسطورةِ منها إلى الواقعِ.
كيفَ تمشي؟ كيفَ تتحرّكُ شفتاها؟ كيفَ تبتسمُ؟ ما هي رائحةُ عطرِها، وقعُ خطاها، رنينُ الخلخالِ، أنينُ الحرفِ في أناملِها؟
أمضى ليلَه كأنّه على سريرٍ من جمرٍ. أيفرحُ أم يحزنُ؟ يبكي أم يرقصُ؟
كان قطارُ الفرحِ قد عبرَ به من زمنٍ مضى مخلّفاً وراءَهُ شبهَ ابتسامةٍ.
كيفَ لكِ أيتها المرأة، ومن علّمكِ أن تحييَ رميمَ رجلٍ قد طحنتْه عجلةُ الزمنِ، ورزحَ تحتَ أقدامِ العمرِ، يُحصى ثوانيَ الحياةِ التي تعبرُهُ ؟
من علّمك أيتها المرأةُ الآتيةُ من غياهبِ البحرِ، ومن خلفِ الموجِ الأزرقِ، تحملين بيمينكِ شعلةً من نورٍ، ورغيفًا من خبزِ الحياةِ، وحفنةً من زيتٍ؟
من أقامكِ سلطانةً للقلوبِ، تقيلين وتنصبي من تشائينَ بابتسامةٍ، وتغرفينَ من قمحِ العِشقِ، وتنثرينَهُ في صحارى الناسِ، فينبتُ السوسنُ، وتلتقطُهُ عصافيرُ القلوبِ بمناقيرِها.
حمامةٌ في منقارِها غصنُ زيتونٍ، وفي عينيها سرٌّ مختوم، من يجرؤُ على فكّهِ، أو الاقترابِ منهُ؟ مرصودٌ بابُ قلبي قالت لم ولن يدخلَهُ عابرو الطريقِ والقراصنة.
هو لأميرٍ فرشتُهُ بالريحانِ، من عصاهُ الحرفُ، وسريرُهُ القصيدُ، يرعى في حقولِ النعناعِ، يقطفُ الليلكَ، يحوكه معَ خيوطِ الفجرِ لي ثوبًا، ويطلبُ للشمسِ أن تتهادى في الشروقِ، وتعجلُ في الغروبِ، لأنّ الشمسَ هنا الآنَ والحياة

مشاركة مميزة

الوجع ‏Diya Raman

سألت الدهر : متى ستمر سحابة الألم ؟ و متى ستمد يدك و تنقذني من الغرق من بحر الأوجاع ؟ أيها الليل كم أنت طويل !. مثل حقل شوك أمشي حافية في در...

المشاركات الاكثر قراءة