نص اول (نموذجا)
الأطفال الذين ينصبون الفخاخ للعصافير
يصطادونها ثم يندمون
الرجال الذين التهوا بالحرب ونسوا حبيباتهم يصارعن البعد.
الأمهات اللواتي اكتفين بالوجع وقتلن رغباتهن.
المتسولة التي تلمس يده وهو يناولها رغيف خبز
فتنسى الجوع وتنسى الخبز
السمان الذي يبيعه لفافات تبغه
عامل النظافة الذي يحمل القمامة من امام باب الحديقه.
قطط وكلاب الحي .
كلهم ....
ابتسمو لقلبي الذي إلتهم الشوق فأصيب بالدوار
ونام هناك.
نص ثاني : (نموذجا)
يبصر الموت في طين عباراتهم
لا فضة في الطريق
خيط السر هناك
والوقت يمزق ضفائر المدن
غبار الحرب يلوي ذراع الروح
على مشجب الوجود
يضحك الكردي
لشغب أصابعه مع البارود
وطيران القلب خلف جديلة
يحرسها ولا ينام.
_ قراءة سريعة في التجربة الشعرية للشاعرة فيروز رشك حول الحب و الحرب
فيروز رشك شاعرة تجعل من كلماتها ارجوحة تتارجح مابين ظلال شجرة و بوح الذكريات..
تحول مفردات اللغة إلى أيقونات و صور تهمس بلغة رشيقة تحاول أن تصل بالقارئ إلى ضفة أخرى من الوعي بعدما تغوص في عمق الفكرة و تلونها بشحيح الضوء المتبقي من نهارات المدينة الكئيبة... تحاول أن تنسج من عتمة أيامها قنديلا تفرش بها سجادة عشق تلهو بها فراشاتها التي هربت من جحيم زمنٍ تعس..
قصيدتها تومئ لنا بما يجب قوله لكنها تفعل ذلك بحذر مستخدمة لغتها السرية تنهض مع نصها مع كل قراءة و تمنحنا تأويلات متعددة..
في مستوى القراءة الأولى نكاد نشعر أننا إزاء نص يعاني تفككا ما او هشاشة لغوية و ربما ثمة الغاز تعترينا و نحن نحاول الولوج لكشف خبايا صورها المتلاحقة او الغور نحو أعماق الفكرة المرتبطة بالصورة و لكننا وفي المستوى التحليلي الثاني نشعر بتراكبية اللغة وافصاحها و انفتاحها أمام الوعي فتمضي قصيدتها كمقام موسيقي تصدح بموسيقاها الداخلية كترنيمة مؤلمة يسكنها الوجع و لذة الألم و هنا تكمن شراسة اللغة و تناغمها مع أداء معرفي عبر أدواتها اللغوية و عمقها الفكري و صداها الشعري فتحلق من جديد في فضاءات الإبداع و الكتابة الجديدة وتعلن عن بناء قصيدة تمتلك ناصية اسلوبية مميزة ممهورة بصوت شاعري و تعلن عن حضورها البهي في حقل الأدب والشعر...حيث المفردات و الفراشات و الضباب و ضجيج الأطفال وضربهم في عالم يعيش على عتبة هدير الطائرات ودوي المدافع و الدخان الأسود و الحراب والجراح و الوجع و الألم و الموت..
شعر يعيش ما بين ضفتي الحياة و السلام و الحب من جهة و الموت و الحرب و الحقد من جهة أخرى..
انه النص الذي يتأرجح مواصلا نحيبه و بكائه.. ممارسا ضحكه و صخبه مابين ظلال الأشجار و نهر الذكريات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق