أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts

******* أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts *******

السبت، 2 يناير 2021

في اللحظة هذه . للشاعرة : داريا رواندزي ترجمة : فتــــاح خطــــاب




في اللحظة هذه
تمطر السماء في مدينتي
مع كل قطرة مطر
تنزل جحافل من الهموم
مطر اسود كما وجه الليل
صامت مثل ضياع إنسان
أعمى كما السنة الفائتة
خزين ملء الألام
مثخن بالجروح
معبأ من الوحدة والإنعزال
متخم بالعذابات
مطر زائخ
قارع
صبوب
مطر كدقة مسمار التوابيت
يدقّ صدور الفتيان اليافعين
ينهال على صدور وريقات الورود
يكتم أنفاس الفراشات
***
هو الآن
مطر كالوحش الكاسر
كشبح مخيف
يهطل ناشراً الرعب والفزع
في مدينتي
كل قطرة لهي نزيف قلب ما
كل قرعة لهي نبض قلب ما
مع دوي كل رعد
يغطي الحياة والعباد بالسواد
إنه لأشبه بأقدام الجن البيضاء
تتأطى ضريح المسيح
راغباً في أن يصلبني كما المسيح
مسَمِّراً كل أطرافي
أن يفقأ عينيّ
أن يخترق كفيّ
وتحت قدميّ
أن يجول بين أضلعي
خارجاً من ظهري
***
لازال المطر يزخ
على أشلاء زهور الإستقلال والحرية
كيف للإنسان
أن يفرح قلبه برائحة الدم
بقتل الفراشات
ألا يكون المرء
أشد قسوة من مخالب الوحوش
حين يستبيح الدماء..؟
***
لا زال المطر يزخ
مضرجاً بالطين الممزوج
بالدم السائل من قدمي إنسان مصلوب
كمرآة صافية
معلقة في الجدار
مثل مصباح حليبي
مثبت في سقف الله
المتروك المتهالك
من اللامبالاة
***
لا زال المطر يزخ
ولا زالت جروح إنسان مطعون عطشان
تقطر دماً
بينما هو في اللاوعي
يجمع جراحاته
التي باتت تندمل
إثر طعنات رماح وسيوف المتوحشين
المقتدرين والمنتصرين بالله
إنها دماء الملائكة
تجري في السواقي
من جباه المظلومين
من غصون الأشجار
من جدران المنازل
منذ أن تعالت الأصوات
مطالبة بالإستقلال والحرية
ففقدت المقدسات مكانتها
وجدواها
ما جدوى الأشجار التي
كُتب موت أغصانها
برؤوس الرماح والنشوب
والجدران التي بُنيت
على عضام الجوعى
إنما الموت والهلاك
أعلى من قامة الظلم
والقبر سلوان
لنفوس مقهورة معذبة
لذا فالقلوب العطشى للحرية
لاتهدأ جروحها ولن تنمدل
وأن حرقة تلك القلوب
لا تُقارن بالعذابات الأخرى
ها أني أسمع أصداء الوحدة والإنطواء
تنطلق من قلبوب أناس معذبين
من شدة المرارة واليأس
تفوح منها رائحة الولادة الجديدة
بين ضجيج وعربدة المتوحشين
في عصر إنطفاء البسمة هذا
إلا أنني ما زلت أحبه
وسأنسج لأجله
في حدقات عينيّ
قصيدة خضراء
نسغها صاعد من قلبي
ومن شلالات جفوفي
تنسكب في ساقية الحب
جارياً إلى نهر العشق
ومن ثم ألى بحر الحياة
الملأى بالعذابات..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

الوجع ‏Diya Raman

سألت الدهر : متى ستمر سحابة الألم ؟ و متى ستمد يدك و تنقذني من الغرق من بحر الأوجاع ؟ أيها الليل كم أنت طويل !. مثل حقل شوك أمشي حافية في در...

المشاركات الاكثر قراءة