أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts

******* أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts *******

الخميس، 29 أبريل 2021

الليل...مها ريا


فرش عباءته، وتربّع أمام صفيح ساخن، متلذذاً برائحة شواء أقدام العابرين من الحياة.
رفعتُ الجدار، وقطعتُ كل آذانه، وجلستُ أحرس السكون.
أفرد مواسم العمر على بيادر الذكريات، أعيد ترتيب فساتينها أرتق ما خزّقته السنون .
قالت جدتي يوماً:
لا تلّبسي ثيابك لفزاعات الطيور كي لا تهجرك الحياة.
كنت أظن إن الذكريات أحلام بسيقان جوفاء، لا تقوَ على الوقوف، وبمجرد وخزها تتلاشى مثل فقاعات الصابون دون ضجيج.
ها أنا أشك الإبرة في كل مكان فيها، وتبقى واقفة دون أن تتألم.
يالهذا السكون الذي يقاسمني الهواء.
كنت أظنه رضيع نائم
أستطيع إيقاظه متى أشاء بدغدغة أصابع الذاكرة ،يرف ملاك بجناحيه ويحمله إلى السماء.
كنت أظنه ، خزائن مقفلة على الذكريات، افتحها متى أشاء، لتخرج منها حسناوات بفساتين مطرزة، وخلاخيل ماان تتبختر بها إحداهن حتى يبدأ بمراقصتها.
كنت أظن أنّه بصمته الرهيب يمنع مرور الوقت.
لذا أبقيتُ الرضيعَ نائماً، والخزائن مقفلةً.
لم يكن عندي مرايا على الجدران لأنني أردت إيقاف الزمن .
مرة هرب شعاع من الشمس وتغلغل في حضن زجاج النافذة، اقتربت ..
رأيت إمرأة ملأ الشيب رأسها، والتجاعيد على وجهها كأنها سواقي وجف الماء فيها منذ زمن طويل..
من هذه ....؟
هرعت إلى الرضيع لأتأمل وجهي بعد غياب السنين على مرآة عينيه،
لم أجد غير بقايا ملابسه.
صوب الخزانة اتجهت اسحب منها مرآة لصبية.
على بابها وقفتْ عجوز تتوكأ عصاها، ماان لمحتني حتى نكزتني.
كُسر ساق ذاكرتي
لم تستطع جبرها كل اقمطة الوصاياالتي بحوزتي ،
بذاكرتي العرجاء هرعت الى البحر ادفنها وسط الرمال، كي لا يطالها صفيح الليل،
فعلى البحر ثمة وجه اخر للحياة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

الوجع ‏Diya Raman

سألت الدهر : متى ستمر سحابة الألم ؟ و متى ستمد يدك و تنقذني من الغرق من بحر الأوجاع ؟ أيها الليل كم أنت طويل !. مثل حقل شوك أمشي حافية في در...

المشاركات الاكثر قراءة