أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts

******* أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts *******

الاثنين، 7 يونيو 2021

لا عنصرية في الخلق . لا عنصرية في الحب أيضا . نضال سواس



غراب أو عصفور ،كل متساو لدي ...إعتدت أن أطعم كل الطيور التي تقترب من حديقتي، كما شأن ابني الذي نبهني إلى طائراعتاد القدوم دائما في ساعة معينة ليحط على الطاولة التي يجلس إليها ابني ليدخن سيجارته ،منتظرا أن يمد إليه يده بالفتافيت التي يحاول تنويعها له ..كان هذا أمرا جميلا منه وراقني أنه يحب أن يقدم له كل يوم نوعا جديدا من الطعام ...هذا الطائر كان غرابا . .. الجميل في الأمر أن ابني يكون أحيانا في المنزل ولا يخرج فيأخذ هذا الغراب الظريف بنقر زجاج الطاولة وهو يدور في حلقات راقصة ، نأخذ بمتابعته بنظرنا ثم نخرج لمنحه إحدى وجباته اليومية .. الغريب أن له توقيتا خاصا قد لا يصدقه أحد ، يومياً في تمام الساعة الحادية عشر والعشرة دقائق ...أصبحت أطلق عليه اسم توقيت السيد الغراب Monsieur le corbeau
وكانت تعجبني طلته الراقية ببذته الأنيقة من الريش الأسود الفاخر ويتخللها عند الصدر لونا رماديا ً جميلا ً .كانت أنثاه مبالغة في شياكتها هي الأخرى ما بين ريش أسود لامع وأبيض ناصع وصوتها أكثر نعومة من صوته .
بعدفترة من اعتياده علينا بدأت عطاياه الحاتمية الكرم إذ أخذ يفاجؤنا بقطعة صغيرة جدا من بقايا قلم رصاص وضعها أمامي ونصف لفافة تبغ ألقى بها أمام إبني ومن ثم العديد من أعقاب السجائر..كان هذا أسلوبه في رد الجميل ...فكنا نأخذ بفرح ما يجود علينا به ونضعه بمنفضة سجائر خاصة به ...ككنز ندخره للأيام القادمة .
ما لبث أن اطمأن إلى ترحيبنا به فبدأ بدعوة زوجه هي الأخرى لتنال حظها من الود والفتافيت .. فكان يأكل أولا ثم تقوم السيدة
Madame Corbeau
بالاقتراب والالتقاط ...ربما كان الأديب الكبيرالراحل نجيب محفوظ فطنا لما نشره من ثقافة السيادة الذكورية لسي السيد ؟ لا أعلم قد يكون جد السيد الغراب حبيس دار السينما وشاهد لقطات السيادة تلك ،وقام بنقلها لأحفاده الغربان ...من يدري ؟
المهم أن نهايةالوجبة
دائما كانت تنتهي بأن يحمل كل منهما في منقاره عدة قطع من هذه الفتافيت ويطيرا إلى شجرة قريبة ، هكذا علمت بأن العائلة الغربانية الكريمة هي جارتي وتقطن قريبا مني ولها أطفالها .
مالبث عدد الغربان أن ازداد مع ماضم من اهل وجيران وأقارب وعصافير رائعة جميلة كانت زقزقتها المرافقة تعدل من صوت السيمفونية الغرابية والغرائبية ...
أخيرا ً والجميل بالأمر أن ثمة وافد جديد انضم إلى هذا الحضور الفاتن ...سنجاب صغير ...
هكذا هي الحياة ...ملونة متآلفة كما ولوحة وباليت الألوان ...نحاول أخذ منها ما نروض روحنا معه لنرحب بخلق الله في عالمنا ..
وأتساءل الآن ...كيف لنا أن نتآلف مع ماهو أعجمي اللسان والتعبير من المخلوقات ونعيش سلامنا ولا نتآلف مع من هو مثيلنا من الناس ؟
هل سوى المحبة ما يربط ويغذي الشعور بالأمان الداخلي ؟ ... يبقى مجرد تساؤل فقط لنكون بعيدا عن الأذى وعن الشرور .
يبقى مجرد تساؤل .
نضال سواس .
2 6 2021

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

الوجع ‏Diya Raman

سألت الدهر : متى ستمر سحابة الألم ؟ و متى ستمد يدك و تنقذني من الغرق من بحر الأوجاع ؟ أيها الليل كم أنت طويل !. مثل حقل شوك أمشي حافية في در...

المشاركات الاكثر قراءة