أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts

******* أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts *******

السبت، 19 ديسمبر 2020

من ديوان "هناك" للشاعر جميل داري قراء ة لقصيدة "يغيبونَ" بقلم اخلاص فرنسيس -لبنان-

من ديوان "هناك" للشاعر
جميل داري
قراء ة لقصيدة "يغيبونَ" بقلم اخلاص فرنسيس
يغيبونَ
ثمّ يغيبونَ
لا شيءَ إلّا الغيابْ
يهزّونَ في القلبِ أشجارَهُ
يقطفونَ الصباحَ البعيدَ
وينمو العذابْ
ولستُ هناكَ
ولستُ هنا
إنّ بيني وبينَ القصيدةِ هذا الخيالَ
وبيني وبين الحبيبةِ هذا السّرابْ
أهشُّ على الرّيحِ
هذي عصايَ
وهذا أسايَ
وهذا القطيعُ المذابْ
قبضْتُ على الرّيحِ
عانقْتُ ناري
فكانَ حصادي الهبابْ
يغيبونَ
في آخرِ الكونِ
والمستحيلِ
كأسئلةٍ تاهَ عنها الجوابْ
يغيبو
يغيب
يغي
يغ
ي
...
جميل داري من ديوان "هناك"
صورة من الحياة الأكثر تعبيرًا، والأكثر تعقيدًا وحيرة، فلا بدَّ أن تموتَ البذرةُ، وتدفنَ كي تحيا وتأتي بالثمار.
للزرع والحصاد أعياد ومواسم في مختلف الحضارات والشعوب، وشاعرنا هنا أمام الغياب وكأني به يقف بنا على طقس جديد من هذه الطقوس، ووقعه على النفس البشرية.
الزرعُ والقطافُ
تهتزّ أغصانُ القلبِ فتطرحُ العذاب
على تربةِ الروحِ الخصبةِ لتنموَ من جديد،
لا أنا في الحقلِ أزرعُ، ولا أنا في السهل أقطفُ
أيُّ ضياعٍ هذا.
هل الشاعر هو الزارع أم هو الحاصد؟ وقفة صادقة للتأمّل مع النفس مرة أخرى. من المسؤول عن زرع الوجع، ومن هو الذي يحصده؟ ويبقى السؤال ليسير بنا إلى علاقته بالقصيدة والحرف وهي علاقة عشق خيالية تكاد تكون سرابا، نعطش، نجري خلفه.
وهل الشعر غير جملة مشاعر ومخاض طويل في خيال الشاعر ؟
وهل اللقاء بعد هذا إلا سراب؟
"عانقت ناري" لا تصالح مع الألم، صورة بلاغية إلى حدّ الوجع، من شدّة الوجع أعانق النار كي تعتقني.
التآخي بينه وبين الوجع انصهار، لكن هذا الانصهار لم يسفر إلّا عن هباب.
هناك أسئلة، وهناك أجوبة، لكنّها تائهة في هذا الكون، فمن المستحيل أن نجمع أطرافه في قبضة لأنها تتتسرّب كالرمل من بين الأصابع.
ما الخاتمة إلا لتخاطب كلّ فرد وكل خليقة هذا الكون، حين أراد لنا الشاعر أن ننهي الكلمات التي بدأها، ولم ينهها، أراد لنا أن نغيب في جمالية الغياب، والغائبون قبض على مواطن الوجع فينا.
من منّا لم يسحقه غياب أحدهم في حياته؟ من منّا لم تهزّه نيران الفقدان؟ من لم تضرب أوصال قلبه أوتاد الغياب، تشقّ لها أثلامًا، تطرح بذورها كلما هبّت ريح الحنين والاشتياق والذكرى، فتتكاثر وتنمو.
يهشّ على الرّيح هشيشاً ناعماً، لا يريد أن ينهرها بقوة رغم أنّ في يده عصا أشبه بعصا موسى، لكن لم يرد أن يقع في ذات الخطأ، فذاب في الحضرة، وحصد التأوّه والمتاهة والضياع.
مع الشاعر الجميل وديوانه "هناك" الذي أخذت هذه القصيدة منه.
وأخيراً انا هنا ولكنه تركني هناك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

الوجع ‏Diya Raman

سألت الدهر : متى ستمر سحابة الألم ؟ و متى ستمد يدك و تنقذني من الغرق من بحر الأوجاع ؟ أيها الليل كم أنت طويل !. مثل حقل شوك أمشي حافية في در...

المشاركات الاكثر قراءة