أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts

******* أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts *******

الجمعة، 7 مايو 2021

محمد شمس ( ذكريات ١٠ ذكريات بقلم / محمد عاطف كاتب وشاعر من مصر


فى بداية حياتى العملية ساقَنى القَدرّ والرِزق أن أحصُل على فُرصة عَمل بإحدى المُحافظات النائية ، تَعرفت من خلالها على زُملاء جُدد ، حيث جمعتنا ظروف العمل والإقامة سوياً ، فتمسكنا ببعضنا حيث كُنا جميعاً مُغتربين ، ومرت الأيام ووجدنا أنفسنا سواء قُدامى أو جُددًا متآلفين ومُفعمين بالحيوية والنشاط ،. ولكن أَجمَعت آراؤنا على أن الزميل المَدعو محمد شمس يُمثل عِبئاً على الجميع ، حيث أنه كان يَستَحِلي أسلوب الإستعارة ( الشِحاته ) ، من ملابس ، أحذية ، نقود وجرائد .... ، وكان يَبوح سراً لكل واحد مِنا مُنفرداً موشوشاً ومُطَالباً إياه أن لا يُفشي هذا السر لغيره حيث خَصه به ولا أحد سواه يعرفه ، فظروفه المادية صعبة جداً ويتكفل بوالديه وزوجة وبنات أخيه المتوفى فى ريعان الشباب ، وكان يكسب تعاطفنا رغم أنفنا وهو يقول ربنا لا يَكتِبه عليكم ، وكان يُصنف إستعاراته حسب كل واحد ، وعندما أتى على ذِكر إسمي ، بادرته قائلاً فكر بأى شيء بعيداً عن الملابس ، فجاوبنى على الفور سأشاركك معجوني، الأسنان والحلاقة والشفرات والكلونيا والعطور فهززت رأسي بنعم وسيف الحَياء على رَقبتى ، فمن عرفوه من قبلى أخبرونى ألا أندهش فهو إنسان يُتاجر بأحزانه، حتى المُدير بالعمل يَخُصه بساعات عمل إضافية دون الجميع ، وتحملناه على مَضض شِبه راضين ، فلقد كان لا يخلو من ميزة السرد الغزير للنِكات التى كانت تُضحكنا عندما كُنا نسهر ونتناول الشاى والقهوة ويقوم هو بعملية الإعداد والتجهيز وكنا نضحك ونمزح معه ، وكنت أحياناً أتناوله بأبيات شعرية سواء ممن كنت أكتبه أو مما أحفظهُ ساخرًا من أفعاله المُزعجة لنا وتضج الجلسة بالضحك . ذات ليلة وشوشنى شمس وأخبرنى أنه يُريد مشورتى فى مسأله شخصيه جداً على إنفراد ، فاننتحينا سوياً مكاناً قَصياً ، وإذا به يُخبرنى أنه يُحب فتاة ووقع فى غرامها ويُريد أن أكتب له بيتين أو ثلاثة من الِشعر وأذكر فيها إسم تلك الحبيبة كى يَبُثها حُبه وغرامه وهُيامه عندما يُحدثها تليفونياً ، فقلت له مُمَازحاً حتى الأحاسيس والمشاعر تُستَعار يا شمس !! ثم ضحكنا سوياً فقلت له قُل لي ما اسمها فقال ( عواطف ) فبادرته ..
يا من أُحبُكِ مِلء كُل عَواطفي ...
فصفق بكلتا يديه واحتضننى وقال يا سيدي ياسيدي أكمل ..فقلت له تلك بدايه وسأُكمل لاحقاً ...لكن با أقولك أيه ياشمس أنت عَيل نذل !!!!! فقال لماذا ؟!
فقلت له لماذا لم تفكر بالزواج من أرملة أخيك الكبير وأنت الذى ترعاهم ....، فوجدته زاغ بصره وكما لو راح تحت تأثير مُخدر البنج وإذا به يقول بصوتٍ خَفيض زوجة أخى ... زوجة أخى ....
أتمنى ... وبسط كَفيه ورفع حاجبيه وقال من بُقك لباب السما وليتها توافق ، إنها بنت حَسب ونَسب وغَنية فلقد أحبت أخى الذى كان يعمل مُحاسباً ويتمتع بوجاهه وصِدقٍ وأمانه وإخلاص لدى تجارة أبيها ، رغم عائلتنا البسيطة لكنها أحبته وتوسلت لأبيها أن يوافق على زواجها من أخى ، ورغم تقدير التاجر لأخى إلا أن موافقته كانت على مضض لإرضاء إبنته فقط ، وبعد الوفاة أخذ الرجل إبنته وبناتها عنده فى رعايته وكَنفه ... وإذا به وهو مازال يَهذى ، استفاق فجأة وضَرب كفاً بكف وسكت رغم تحريك شفاهِه صامتاً ، فوجدت نفسي فَاغراً فَاهي مَصدوماً مما أسمع ومن ثَمَ بادرته ولماذا إذن تَدَعيِ الرجوله والشهامه أنك تَرعىَ الأيتام !!! فأمسك بِكِلتا يَدَّيِ مُقبلاً ويستحلفنى بالله أن أجعل هذا سراً مابينى وبينه واسترني سترك الله ، ثُم عُدنا إلى مقر السكن وأكاد لم أنم تلك الليلة ولم أُخبر أحداً كما وعدته ، ومرت الأيام بعدها بكثير ..... وذات مرّةٍ عند عودتى من أجازه ، وجدت زُملائي يُخبروننى أنهم تشاجروا مع شمس لأنه ضايق زميلاً لنا وهما يتناقشان فانفعل الزميل قائلاً له أنا عايز أفهمك من أى المعادن البشرية بالضبط يا شمس !!! فالشخص الأنانى شعاره (نفسي ثُم الآخرين) أما أنت لا تُفكر سوى فى نفسك وفقط فما هو شعارك فى الحياة إذن أيها الإنتهازى ؟؟!! فرد شمس قائلاً شِعاري ثم أخذ يَعِد بسبابة كف يده اليُمنى على ثلاث أصابع من يده اليُسرى قائلاً نفسي ثم نفسي ثم نفسي ثم مَلعون أبوكم كُلكم ....!!!!! فانهال عليه الجميع شتماً وسَباً وضَرباً ولَكماً وركلاً ....فنظرت إلى شمس شَزْرًا وقلت له هل ما يخبرونني به صحيح ؟!! فقال أنا لا أقصدك أنت يا عاطف طبعاً ورَحمة أبوك وأستحلفك بالله والعيش والملح وعِشرتنا أن تُحافظ على السر الذى بيننا .......
ذكريات بقلم / محمد عاطف
كاتب وشاعر من مصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

الوجع ‏Diya Raman

سألت الدهر : متى ستمر سحابة الألم ؟ و متى ستمد يدك و تنقذني من الغرق من بحر الأوجاع ؟ أيها الليل كم أنت طويل !. مثل حقل شوك أمشي حافية في در...

المشاركات الاكثر قراءة