آه .. لو عُدتُ هذه المرة
آنئذ في كل صبح
مثلما الحمل الصغير
بين شتلات الشعير
سآكل من وريقات النبت
وأمضغ الحشائش المرة
حد الشبع
أتمسح قدميّ ورُسخهما
بندى الصبح البارد
***
أه .. لو عُدتُ هذه المرة
مثلما السنجاب
سأصعد جذوع أشجار الجوز العالية
مثلما الغيمة الواطئة
سأدور على الحقول الخضراء
مثلما الأشجار الخجولة
سأنحني حيال الوديان الوعرة
والصخور المتراصّة كلها
بين ضفتي نُهيراتها
آهٍ .. لو عُدتُ هذه المرة
وحسب
***
إن عُدتَ هذه المرة
سأتفحص
كيف تصفّر السنابل
كيف تنضج الرمان والبرتفال
كيف تَبني القطايا أعشاشها
سأُمعن النظر
كيف تنمو جناحات فراخ الطيور
وتطير
كيف ترصّ طيور السنونو المهاجرة
صفوفها على أسلاك الكهرباء
في الطرقات
من أين تنطلق العصافير
وإلى أين تطير
***
إن عُدتُ هذه المرة
سأشرب من حلمة كل نبعة
جرعة ماء
سأجعل كل النبعات
أُمّاً لي
في كل كهف أبات ليلة
متوسداً رأسي على أحد صخورها
سأجعل منها مهداُ لي
***
لو عُدتُ هذه المرة
سآتي بلغة النارالهوجاء للخرسان
وأجنحة النار الهائلة
لمكسوري الأجنحة
لو عُدتُ هذه المرة
لن أدعَ الشباب أن يزرعوا الزهور
لأجل تجميل مزهريات
المناضد الميتة
سأُعلّمهم
أن يأخذوها معهم
إلى حبيباتهم في مواعد الغرام
مقلدين إياهن على ياقتهن
ثُّمّ يأخذوهن بالأحضان
***
لو عُدتُ هذه المرة
بما أن أطفال موسكو ذوات العيون الخُضُر
علموني بأن لا أزور
أي بيت دون الإتيان بالحلويات
سأًشكّل للأطفال كثيراً
من أراجيح بسيطة ومريحة
سأُشارك في أعياد ميلادهم
حيث لا عيد لهم
فبدلاً من الشموع
سأُشعل أصابعي
سأؤجج نور عيني ،ناراً
ألا وهي أحدث قصائدي
***
لو عُدتً هذه المرة
إن صادفت في طريقي
أي وليد في المهد
سأُحني له رأسي
بهدوء وجلال وخشوع
آهٍ .. يا أطفال بلادي
آه ٍ .. لو عُدتُ هذه المرة
وحسب ..!
آهٍ .. لو عُدتُ هذه المرة
يا غاليتي .. يا أُماه..!
مازلت أتذكر، حين كنت طفلاً
عاشقاً كنت بطعم المرارة والحموضة
فكنت آكل تراباً
أمضغ طيناً
وأنت تصفعينني
لأطرح كلها خارجاً
يا أُميّ الغالية
الآن قد كبرتُ ولستُ طفلاً
لم أعد عاشق طعم المرارة والحموضة
بيد أني ، لو ساقني الطريق
يوماً ما ، إلى ( بيركوت )
حتى لو أشبعتني ضرباً
حتى لو حرمتِ عليّ حليب الأُمومة
سأظل مقتدياً بسَجيّة الطفولة
إن كانت شجرة ، حجارة او طيناً
أيّما تأتي في طريقي سألحسها
لحساً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق