قراءة في قصة قصيرة جدا من مجموعة "أّمّا بعد". بقلم: عبدالوهاب بيراني

النص

""""""""

(كانا يتاجرانِ بأحلامِ العصافيرِ الرّاغبة في مغادرةِ القفصِ، تجاذبا فيما بينَهما السَّماءَ المرجوّةَ حتّى تلبّدتْ بغيومٍ سوداءَ تحملُ الأشباحَ والكلابَ.. تراشقا التُّهَمَ واحتدمَ الخصامُ و غَدَوَا عاريينِ أمامَ العصافيرِ الحالمةِ.. ظلّا هكذا متخبّطينِ لا يدريانِ أنّهما في تلكَ اللّحظةِ بحاجةٍ إلى ما يسترُ عريَهما وليسَ إلى ما يليقُ بهما)

من مجموعة ( أّمَّا بَعْدُ )

للقاص و الفنان الكردي عامر فرسو

القراءة

"""""""""""

ان من يتاجر بحرية الشعوب و من يتاجر بثورة الشعوب فأنه حتما في النهاية سيخرج مفلسا عاريا من مبادئه _ فيما لو كانت موجودة بالأصل _ دعوا العصافير تحلم.. دعوها تحطم اقفاصها كما تريد..

دعوا سماءها نقية.. لا تلوثوا فضاءاتها بادرانكم و بنباحكم.. فمهما يكن فإن العصافير ستمضي و ان صدئت حلوقكم بالنباح..

الصديق المبدع عامر فرسو في نصوصه القصيرة جدا لا يحاول ابدا ان يحاصرنا باسوار عالية.. بل على العكس تماما فهو يمنحنا افقا واسعا و تأويلات شتى و يكسو لغته بغموض ليس لشيء شكلي يتعلق ببنائه للنص و إنما اللغة عنده تتراكب داخل لغة رمزية أخرى فتحمل بعدا غامضا او لنقل سرا ما على القاريء ان يكتشفه او يعيد اكتشافه في كل قراءة و ربما كانت لكل زمن ما قراءة ما.. وهناك يكمن سر اَبداعه الحقيقي الموازي للغة النص و إمكانية قراءته على أكثر من مستوى و أكثر من جهة.. فدائما لديه ما يملك من قوة اضافية و خاصة انه نص غير مغلق و إنما هو ضمن ما سيأتي من اما بعد ....