أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts

******* أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts *******

السبت، 16 يناير 2021

ذاكرة مكان./1/ من قلب سوق راس العين (سري كانيه) التجاري الشعبي (خان عبدالقوي) بقلم: عبدالوهاب بيراني



دكاكين و حوانيت بأبواب خشبية كانت تصطف في جهة السوق الجنوبية من زاوية الجامع الكبير شرقا إلى الخان الذي عرف بإسم صاحبه التركماني عبدالقوي الشهابي _رحمه الله_
كان الخان مساحة كبيرة بحدود الألف متر مربعة و يحوي غرف مبنية من الطين و الحجر و باسقف من من عواميد الحور.. الغرف كانت مستودعات لتخزين الجلود و التبن و الحبوب و المعادن و الزجاج و غيرها من المواد البلاستيكية و المعدنية من نحاس و رصاص و المنيوم و الخبز اليابس أيضا
الجزارون و القصابون كانوا يطرحون جلود الاغنام و البقر في الخان على أن يتم شحنها لمدينة حلب فتنبعث الروائح النتنة من الخان و غرفه... الرجل كان يمارس البيع و الشراء منذ الصباح و حتى غياب الشمس و في المساء كان ثمة رجل أصابه العته لا يتكلم رغم انه لم يكن اخرسا او بكما من قبل و يعاني الطرش و مشاكل في التواصل مع الآخرين كان معروفا بلقبه "احمد جرا" و عرف بين أهل المدينة بالدروشة و البركة و لم يشاهد أبدا وهو يتسول أو يطلب مالا او متاعا او غيره.. كان يدخل اي محل تجاري و يحمل طلبه حسب حاجته اليومية فقط، و دون طمع بالمزيد، كنا نراه يحمل تفاحة او موزة او فليفلة حمراء حادة و حينما كان حذاءه يهترئ كان يبادر لأي محل يرمي حذاءه القديم و يخرج بحذاء اسود لميع و ثيابه هكذا و كل حاجاته و عندما يهبط الليل على المدينة كان ياخذ طريقه الي إحدى غرف الخان و ينام هناك في غرف الصوف شتاءا و في أرض الخان بالعراء صيفا و لم يعرف له اهلا او عائلة و قيل انه بالأصل من عامودا او قراها.. لا أعرف من أين اتي و متى حل على المدينة ، كان اهل المدينة ياخذونه الي بيوتهم و يحممونه،و الحلاقون يحلقون شعره الاشيب و ذقنه الخشنة.. أختفى فجأة و لم يعد أحدا يراه في شوارع المدينة و لا في خانها الوحيد الذي غادره صاحبه الى مدينة الباب بريف حلب و أصبح باب الخان الخشبي كأحدى واجهات الشارع التجاري في المدينة.. كان بابا ضخما و يفتح أمام الشاحنات المحمولة بالجلود و الصوف و الزجاج المكسر و بقايا المعادن االتالفة و ضمن الباب الكبير كان ثمة باب صغير للافراد ضمن الباب الكبير (صورة الباب مرفقة مع البوست)
لم يعد للخان وجود فقد تحول المكان الي بنايات و محلات تجارية من الخرسانة و الباتون المسلح و البناء الطابقي.. ذاك المكان اعتقد ان الجيل الحالي لا يعلم عنه شيئا. لكنه جزءا من الذاكرة الجمعية لابناء جيلي و الاجيال التي سبقتنا..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

الوجع ‏Diya Raman

سألت الدهر : متى ستمر سحابة الألم ؟ و متى ستمد يدك و تنقذني من الغرق من بحر الأوجاع ؟ أيها الليل كم أنت طويل !. مثل حقل شوك أمشي حافية في در...

المشاركات الاكثر قراءة