أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts

******* أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts *******

الأربعاء، 27 يناير 2021

"الأخبار " شعر: سروه ى به يان الترجمة والقراءة النقدية: شێروان ع. شه مديني


هەواڵەکان"
دوێنێ؛
دوێنێ بەیادی تۆ
لەسوچێکی ئەم بوونەدا
قاوەیەکی تفت و تاڵم خواردەوە
خەوم بەجێ ژوانەکانمانەوە بینی
.تا یادی پێکەوەبوونمان مەست مەستی کردم
ئەمڕۆ؛
ئەمڕۆ لە شەقامێکی گشتی شاردا
میوزیکژەنێکی دێوەرە سەرنجی ڕاکێشام
تاوێک بەدیار ژەنینی خەمناکییەوە دامام
پارچەیەک لە سیمفۆنیای
گریانی بێدەنگ"ی ناخی بۆ ژەنیم
سبەی؛
سبەی پەیامی خۆشەویستی و
مژدەی گەڕانەوەم بۆ باوەشی ئارامیت
بە کۆترە پەیامبەرەکان دەنێرم
کە من هەرگیز بۆ ساتێکیش
لێت دوور نەبووم
(سروەی بەیان)
"الأخبار "
شعر: سروه ى به يان
الترجمة و القراءة النقدية: شێروان ع. شه مديني
البارِحة
تيمنآ لذكراك
و في أحدى زَوايا هذا الوجود
أرتَشفتُ قَهوة مِن علقم مُر
حَلمتُ بأماكنَ لقاآتنا
و وجودَنا مَعآ ...
الى أن أنتشيتُ بِسَكرة ذكراها
اليوم
اليوم وفي إحدى شَوارع المدينة العامة
جَلبَ نَظري عازفُ رَحال
لبُرهة تأملت في عَزفه الحَزين
شدا لي قِطعة مِن سمفونية
"بكاء صامت" لأعماقي
غدآ
غدآ عَهد الأحبة
و بُشرى عَودتي الى حُضنك الآمن
لك أرسلها بحمائم المرسال
بأنني حتى و لو للحظة
لم أكن بتة بَعيدآ عَنك
ديباجة القصيدة تَبدأ بِمُفردة (البارحة) إشارة بما حَصلَ في الماضي، ماضي ليس ببَعيد كأنها بدأت البارحة، هيَ الوفية لا تستطيع الفكاك منه وأيضآ لا تستطيع سبر جزئيات مَجاهِله ، فهي تَجد نَفسها غارِقة في إحدى زَوايا هذا الوجود المُتعب لا تستطيع الخروج منه و من ثقبه الأسوَد الكئيب ..!
البارِحة
تَيمنآ لِذكراك
و في إحدى زوايا هذا الوجود
هنا تأخذنا الشاعرة بخيالها الضاربة إلى غورعالمها و بِبَساطة تَشُدنا أكثر لِنشاطرها الخَيال خَيالها لتُحلق بِنا بَعيدا على أجنِحَتها لتُقرِبَنا من عَوالمَ نَصها الإبداعي والكلام هُنا يَبقى قليلًا بحقها بِمُجرّد أن نَقرأ كلماتها في صورالأخبار.
سروه ی به یان هو أسمها ، شاعِرة مُعاصرة مُتمكنة رَصينة في تَوجهاتها ، حَداثوية في أسلوبها ، واثِقة في خَطواتها وهيَ في بَحثها المُتواصل تُبان كالسيل الجارف لا تتوقف ، كلماتها ممزوجة برقة العاطفة والمشاعر ، صورها كثيفة و سَلِسة يَنسابُ مِنها قطرآ مع نعومة الندى ، هي قليلة الشكوى لا تَمل في بَحثها عن المُدهش ، تِلكَ الدهشة التي تقع خلف الظاهر ، أحيانآ تُداهِمُها الأحاسيس المكتئبة وهي دونَ أن يُشعرنا بِها تتألمُ في صَمتها. أنا و من خلال قراآتي المتواضعة لأشعارها وجَدتُ بأن الشعرعندها يجد مسارب سهلة وهينة من القلب و نحو القلب ، يسري كالخَدر في الوعي و يَطربنا بفرحتها الحَزينة ولكنها وهيَ في فَرحتها تشاركنا فيها بسخاء ، في قصيدة (الأخبار) هذه أستوقفتني أبيات ثَلاث وهي حين تَستَرجِع في حُلم يَقضتها ذكرى ذلك المَجهول ، هي مَن تَستعيد ذكراها مَعه بألم و رَوية ذلك المَجهول المُحب ليسَ بالضَرورة أن يَكونَ الحبيب ، قد يَكون الزوج أة الأخت أو الأخ أو حتى صَديق ، المهم هي ذكرى تستحضرها كسلوى و سمير لتلك الوحدة و لجلستها الهانئة معه أو مَعها سَيان ، مؤانسة لوحدتها وهي ترشف قهوتها الُمرة مُر العَلقم و هي تُحَسسنا بِفَقدها لذلك المُحب المَجهول رُبما حتى لخَيالها.
البارحة
تَيمنآ لذكراك
و في أحدى زوايا هذا الوجود
أرتشفت قَهوة مِن عَلقم مُر
فهيَ الحالِمة تَرى في الوجود وجودها معه كأن الوجود لم يَعد وجودآ دونهُ ، فَلا غَرابة أن يَسوقها الخَيال ضاربا في أعماقها ، وفيه تأخذنا (سروه) الشاعرة إلى عالمها لتتركنا مُعلقين في فَضائها الرَحِب بَعيدا بعيدآ ، وهنا نَجد بأن للخيال عندها أهمية كبيرة وخاصة حين نَرى كيفَ تَبدع الشاعرة في تَصوير مَشاهِدَ مألوفة في حَياة كل الناس ، فهيَ بمَهارَتها تُحَولها إلى مشاهد شعرية ناطقة تبث فيها الحركة والحياة لتصل الينا مُعبرة وذات إثارة تُرغمنا أن نَتعاطف مَعها وحتى أن نُشاركها جَلستها و لنَجرَعَ مِن مَرارة عَلقم قَهوتها و في هذا السياق يأخذها المشهد الحلمي لتمتلكنا ..!
حَلِمتُ بأماكنَ لقاآتنا
و وجودنا معآ ...
الى أن أنتشيت بِسَكرة ذِكراها
هنا نجد (سروه) الشاعرة في لَحظة حُلُمية ، مغمضة العَينين سَكرى تَعيشُ خَيالها كواقِع مُعاش مُستعيدة المَشهَد في حَركة تبث فيها الحياة وهي مَع نفسها كأنها غَفَت أو كأنها خبأت صورة تلك الذكرى تَحتَ جُفنيها لا تريدها أن تتبدد لتثير فيها نَوع مِن النشوى والتأمل الحَزين داخلَ تلكَ النفس المُتعبة في فداحة ذلكَ الغِياب و الفقدان. هنا نجد بأن الإنتشاء لوَحدِها لا يَسعفها إلا أنها قد تكون رافدآ لتُضفي مَعنى للذكرى وليسَ تَصريفآ للحُزن ، ذلكَ الحُزن يُداهم الكل أيآ كان حينَ يَقتحمنا الوحدة.
في سياق القَصيدة نُلاحظ مَشهدآ أخر أعتدنا مُشاهَدته في حياتنا اليَومية ، نُصادفها يَوميآ هنا وهناك لكنَ الشاعرة بحِسها المُرهف أبدَعَت بجَعلِها ناطقة وملتحمة مع الذات بِحِرفية وصَنعة شاعرة مُتمكنة خَبَرت الصَنعة الشعرية ولنلاحظ تلك الصورة المقتطفة مَمزوجة برقة العاطِفة والمَشاعر ولكن استعمالها المكاني لمشهد الحزن للعازف الرحال عندها تُضفي مَعنآ و تصريفآ للحزن ، حُزنها التي تتنقل مَعها
أينما حلت ، كإنتقال حزن ذلك العازف الرحال من مكان الى أخر، هنا تأخذنا الدهشة خلف ظاهر المشهد ..!
اليوم
و في إحدى شوارع المدينة العامة
جلب نظري عازف رحال
لبرهة تأملت في عزفه الحزين
شدا لي قطعة من سمفونية
"بكاء صامت" لأعماقي
الذات عِندَ الشاعرة سروه يسيران على وتيرة واحدة تعبيرية مشحونة بالانفعال والعاطفة ، الإنسان يَختار ذاته في خَلق صورة الإنسان في وجوب وجوده مَع الأخرين والإنسان عمومآ ليس بمجرد أحاسيس مَعزولا عَن مُجتمعه. في حالتِها نَجدها تَمزج حُزن ذلك العازف مع حُزنها دون معرفة مسبقة به ، لتُضاعِفَ مِن حُزنها حُزنَ العازف الذي دَخل الى عالمِها صُدفة ، هنا نَجد الأثنان يحزنان معآ و في اللحظة نَفسها ، يَشتعلان ويَنطفئان معًا دونَ تنسيق أو اتفاق. والحَميمية و التَعاطف هنا ليسَ في ما نراه بل أو في ما نَسمعه و بإمكان قلوبَنا قلوبَ الأحبة أن تَسمع الحِداد و الحُزن ، مع إنها بحِزن شَفيف تبتسم للمارة دونَ أن يَلحظ بوجودها أحد مِن المارة.
مع الشاعرة سروة نرى للحبّ معنىً آخر وربّما الكلام عن الحُب يبقى قليلًا بمجرّد أن نقرأ كلماتها الشَجية حينَ تومِض الذكرى عندها ككشاف بَعيد ، الحُب عندها هوَ ذكاء المَسافة فَهيَ بِخَجلِها لا تقترب كثيرًا لتُلغي تلك اللَهفة ، فَهيَ أيضآ لا تبتعد طويلًا لتلغي المسافة ليبقي الحُزنَ لنفسها مُمتنعآ أن يُشاركها أحد ما وهي بحضورها الطاغي تعترف للغائب وفائها لتلغي المسافة ، تلك المسافة الغير المرئية.
بأنني حتى و لو للحظة
لم أكن بعيدآ عنك ...
سروة الشاعرة نَجِدُها تقاوم حُزنها بشدة فهي بالفعل مُقاومة ذا بأس شديد لا تَسمَح بأن يَأخدها البُكاء ، تفائلها تسبقها فهي تتطلع للمستقبل أكثر مِن أن تَعيش للحاضر هذه ما نتلمسها في أغلب أشعارها ذلك الحزن الممزوج بالتفائل ترافقها أينما حلت ، فكيف لا فهي إمرأة خلقت مِن طينة الماس شَديدة البأس خُلقت للمُقاومة والتحَدي ومَعها نَرى للحبّ معنىً آخر وربّما الكلام عن الحب هنا يبقى قليلًا بمجرّد أن نَقرأ كلماتُها عَن الغَد غَدها حينَ تَعود الى حُضن ذلك المُحب الآمن ذلكَ الذي في يوم ما منحتها الأمان فهي بصَبرها وبُعدها عنه تُبادر بمناداته و تبيان حُسن نيتها للمُصالحة ...!
غدآ
غدآ عَهد الأحبة
وبشرى عَودتي الى حُضنك الآمن
لكَ أرسلها بِحمائم المرسال
بأنني حتى و لو للحظة
لم أكن بتة بَعيدآ عنك ...
فهيَ بمُناجاتها تَتجَنب أن تَضع كل حَطب إشتياقها دفعةً واحدةً في مُوقد من تُحب فهي تُبقي اللوعة مشتعلًة و هذه فقط بتحريك الحطب ليس أكثر، دون أن يَتحسسَ ذلك الآخر سخونة تلك اليد المحرّكة لمشاعره و تبيان مَسار قدره. وهيَ في النِهاية و بنية صافية تنشد السلام و تعلن على الملأ بأنها لم تكن بَعيدة عنه بتة لتذكره بصورته الأخاذة بتلك الصورة البهيجة في الذاكرة و ما تَحمله مِن الأمان لحضن دافيء يدفئها لتفتَحَ بَوابات جَديدة على كرب و بلاء أيامها المليئة بالحزن دونه ، و محاولة منها أن يعيده الى تلك الدروب الوعرة التي قَطعتها معه في مسعاها نحو النهايات ..!
بقلم: شێروان ع. شمديني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

الوجع ‏Diya Raman

سألت الدهر : متى ستمر سحابة الألم ؟ و متى ستمد يدك و تنقذني من الغرق من بحر الأوجاع ؟ أيها الليل كم أنت طويل !. مثل حقل شوك أمشي حافية في در...

المشاركات الاكثر قراءة