وانا انظر
و المرآة تفصلنا ..
هي تحكي ..
وأنا اغصّ الصّمت
وأبلع صوتي ..
هي تنادي ..
وأنا أمرّ
ولا اصغي اليها
تثرثر ..
و تعاتبني
ترقب عودتي
وتسأل ..
وأنا اتدثُر الغياب
وأمضي عابرة ..
على وجه المرآة
أمشي ..
أكتب الطريق ..
واسير اليك
فتسألني ...
- لمَ تأخرت ؟
- كنت أحمل الطريق على ظهري ..
على وجه المرآة أسأل ..
من هي تلك التي تسرق وجهي وترمقني ..
فتردّ عليّ المرآة
- جلدك !..
جلدي الذي مات فنزعته
على قارعة الطريق ؟
جلدي الذي تركته ليرفّ بأجنحة ملائكة ؟
جلدي ينتصب من موته ويعود اليّ
من جديد ؟
تجزم المرآة ..
- جلدك
عاد "زومبي" وليس ملاك
ليقفو خطوك..
الآن تذكّرت ..
كنت أحوّم الذّرو
ورايت جلدي في الهوّة يسقط ..
ورأيتك تلوّح لي على الضفّة
انزلي !
تعالي أعلّمك السّير
على الارض !
أنخت نظري ..
وحدّقت إليك
طأطأت رأسي فحضنني شوك القعر وضمّني ..
رفعت بصري
ليمدّ لي الطّريق يده و ينشلني ..
أدار ظهره
صعّر لي خدّه
ولم أعد أجده !
هذا الطّريق لم أتقن السّير عليه ،،
كان يسير فوقي !
في مرّة أخرى ..
لا تعلّمني السّير !
علّمني فقط إلتقاط سقوطي ..
هي تقول كانّها تقرأ كفّي
أنّي انكسرت ..
وأنّي مازلت سأنكسر ..
- لا تصغي إليها
لا تعرها اهتماما
انها تهذي
وتكذب !
إنّي مازلت منتصبة ..
ألدّ الرّسوب واقاوم الكّبو ..
أخطّ الطّريق
و أمضي ..
أضمّد رضّي ..
وأرتق الشّذر الى الشّذر وأدرز قرحي ..
أراك تسير إليّ
فأهرب وجلة
أغادر قلبي
وأتركه عندك يهذي
تقول ..
- وإن غادرت ،،
عد لي مع الخطاطيف
بعد كلّ انحدار ...
فابتسم وأرفّ بأجنحة متقصّفة
وأعود لأسترجع قلبي و أخط عليه بالمقلوب
حكمة ..
لتنعكس
على وجه المرآة بأحرف صائبة :
لا تأتوا القلوب من ظهورها
ولا تدلفوها من نوافذها المكسورة ...
للقلوب حرمات ،،
استأذنوا !!
وإن أذن لكم
لا تعبثوا ولا تخرّبوا !!
وإن لم يأذن لكم
فارحلوا !..
ولا تصدّقوا هذيان القلوب !
هي تنظر ،،
وأنا أنظر ،،
والمرآة تفصلنا
هي ترحل ..
وأنا ،،
لا اقفو خطوها
فقط ،،
أنظر للطّريق وأتحسّس ،،
يباب وجنته ..
على وجه المرآة
ينعكس فيضبّبني
على وجه المرآة
حين مرّرت يدي ..
كان الطريق ناشفا أحرش الجلد..
على وجه المرآة..
أدركت أنّي نسيت أن أرطّبه ..
على وجه المرآة ..
أطلّت عليّ عقارب السّاعة عاتبة ..
- و نسيتِ أيضا تمشيط شعر الوقت في الاتجاه الصّحيح !.
على وجه المرآة
كان الوقت يتأنّق لتنعكس وسامته
فانجذب إليه ..
أميل وافقد توازني
فيمدّ لي حبله
و يطوّقني
على وجه المرآة
يغير الوقت وجهه
فتمتد أصابعه ثعابين ماكرة
تلتف حول رقبي
لتخنقني !!!
على وجه المرآة
أحتطب من حلقي صرخة حرف ..
صرخة حرف تدوّي !
اهوي بها فأسا على جرم الوقت فاشرخه !
أحفن شظاياه
وشذره
ثم أمضي مبحرة ..
على وجه المرآة
هذا الوقت
لا يناسبني !
بيني وبينه ضغينة
صدع
هذا الوقت ألاحقه ..
وبالشّعر أهذي قتله ...
هذا الوقت اخرج عنه لاغتياله خلسة
بمجاز يهدر دمه علنا
هذا الوقت أمسح انفاسه
على وجه المرآة
وأمضي
هذا الوقت أدلف إليه ليحيى بالكلمات
نثر حبر
على الورق
هذا الوقت أتعبني
أخرّ منه منهكة
وأنظر حولي ..
أحدّق و أدقّق النّظر ،،
فألقاك فيّ تقبع
و تبحث عنّي
وتلقاني
فيك أقبع
لأسألك ..
- و متى وجدتني ؟
- في شهوة الغرق !
- ومتى ستعود منيّ ؟
- في تمام الطّفو،،
فتطلّ الأخرى .. في المرآة متشفيّة
- هم أحسنوا الغرق
وأنت علقت على السّطح ،،،،
فأنهرها !
وأطمئنك ..
- دعها تهذي ،، لاتقلق لن ترسب
معي ..
لانّي سمكة ...
لانّي غصن من شجرة ...
رفيقي الغرق
يمدّ لي جلده
دائما ..
زورقا لينشلني
هي تنظر ،،
وأنا أنظر ،،
والمرآة تفصلنا
هي تنادي !
وانا أمرّ ،،
ولا أصغي
هي تمضي راحلة
وأنا أقشّر ظلال وحدتي
و أقلّم أظافر الوقت
لأسلم !
أتصفّح حيرتي
وأسال الأمكنة
التي أخذتني إليها عنوة
متى ستعتقني ؟
وأسأل الامكنة الأخرى التي حملتها دون أشعر على كفّي ...
وأَعجب كيف نبتتْ وارفة ..
في قلبي حقلا !
يمشي المكان ويرتحل ..
فأتعقّبه ..
أراه يحطّ رحله
على الغيم
ويبكي ..
يبكي شغورا
على مقعد الغياب وينتحب ..
يرفّ المكان
على أطلال الوقت يستعبر هدبه ويَندى ..
فتهبّ عقارب السّاعة عازفة
موّال الذّكريات
في شجو



"هيمتني، تيّمتني عن سواها أشغلتني
أخت شمس، ذات أنس دون كأس أسكرتني "



فتردّد الأمكنة التي سكنتني في شطح
- و إن عدت يوما ..
ارفع قدمك عن قلبي !
فتدمع عين المرآة و تبكي ..
وتمتدّ يدها
على كتف المكان
مربّتة ..
على وجه المرآة
أضمّ جلدي الى صدري وأحضنه
تطلّ الأخرى عليّ في المرآة باسمة
فالبسها ونتّحد
وتطلّ علي أنت لتنادم غربتي
فنردّد معها
على وجه المرآة تراتيل الشّوق
- لايلاف قلوبنا تجاورنا في المنفى !
نصّ موغل في الأعماق يحدث الدّهشة قي لغة تأثيريّة تعبيريّة جماليّة
ردحذف