هورمزيار المفرط في الرومانسية الحَزينة يَنشدُ في قَصيدته (مَجنون ما يَرقصُ في النار) أسى مَملوء بالعَواطف الجَياشة، العَميقة و أشَدها عذوبة و التي أحيانآ تمتزج بمشاعر الفرح والألم و أحيانآ أخرى بالزعل العَذِب مُحاولة منه تَوطيد أواصِر العِلاقة مِن جَديد مع عوالم أخرى إلا أنه لواقعيته الشَديدة و تَسليمه لِمَرارة فُقدانه الحَبيبة ، تِلكَ الحَبيبة القاسية بصَلادة قلبها الصَخري الراقِدة في لامُبالاتها لمشاعِر الشاعر المكتوي بنارعشقها، نتلمس عنده تلك المشاعر الجياشة التي تتدافع عليه من كل حَدب و صَوب أحيانآ يُنسيه ذلك الإنتِشاء العِشقي ليبقيه مُنفصِلة و يَدفعه للتأمل و اللجوء الى عالم أخر عالم أسطوري ممتزجآ بالحزن و الألم ذلكَ العالم الذي يَلوذ اليه و يتشبث به ثمَ نَجده يَعود أدراجه مِن جَديد الى ذلك العالم المعقد الذي نعيش فيه عالم قد يفوق الآلامه أضعاف ألمه الشخصي مما يزيد من أسى الشاعر و حزنه و إنغلاقه ، يُنسيه لبُرهة وَجَع روحه و عِشقه و هنا يزيد مِن مَيل الشاعر الزائد الى إستحضار الخيالات و التصورات التي من شأنها رَسمَ تِلكَ الصور القاتمة المكثفة مِن واقع مُحبَط و الآمال المَكسورة أكثر قَتامة مِن عالم لا يَستطيع الشاعر الفكاك مِنه مما يَصعَب على الشاعر الخَوضَ فيه ليَتركه لأجل غير مُسمى مُتَمنيآ في النهاية بِغَلق الستارعن فَصل مِن دراما فقدانه لعشقه مُستسلمآ للقدره و إذا حصل و أن ألتقى بها في حلمه و في أمسية ما صدفة يكفيه برضا الجلوس مَعَها على حافة البحر لينفثوا معآ دخان سيجارتهم ليسلموها للريح ، يا لأمنية جَميلة بَسيطة ! دُخانَ سيجارة يُوَدَعونها مَعآ لمَهَب الريح و مِن بَعِدها ليأخُذ الدخان روحه ليبقيه كجَسد و الجسد الموجع المنتشي بالعشق لا يبالي إن يأتيه المَوت مُرحِبآ.
(مَجنون ما يَرقصُ في النار)
لاجيء مُشَرد أنا
بحُرقَة تَتلوعُ كَبَدي حينَ أرى أسمكِ في (الفَيسِ)
أيا وَطَني الضائع والمُحتلِ
أوردتي تَتصَلب و أكتَوي بِناره
حينَ لا أرى تعليقآ مِنكِ تُصافِحُ إحدى أشعاري، حينَ لا أرى منكِ (لايكآ) تَنم عَن إعجابكِ لِمُفردة كلماتي
أنفَعل غاضبآ و توصَدُ رأسي و قَلبي، لَحظتُها أرغَبُ أن أعلنَ حَربآ عالميآ ثالثآ لأحرِقَ بها الأخضَرَ واليابسَ كلها في الأرضِ
و إذا بحروف أسمكِ تَستَحيلَ إلى سِربَ نَورَسِ
و هن كيفَ حاوَلنَ إطفاء نارَ إبراهيم
بِمِنقارِهِن الصَغيرة، جَلبنَ الماءَ قطرَة قطرَة ليَطفئوا بها نارَ أعماقيَ المُشتعِلة، ليَطرِدوا بها شَيطانَ الحَربِ مِن جَنة قَلبي
وَصفَ حُسنَ جَمالكِ كمِثل مِجذافِ حينَ تَجذَف بِها عَكس الأمواجِ
يا تُرى مَن مثلي لا يجزع الوقوف مِن عَملي هذا، و من يجرأ أن يُنافسَني
أنا أعيش في هَولير ! الهواء فيها ساخنة و حارة
و إذا بأعماقي باردةَ كسفوحَ قَنديل، تَحتلها ثلج وَحدَتي
صَمتُكِ جَعَلَ منيَ سَمَكة لا هدوءَ لي وَلا أُطيق الوقوفَ
صَمتُكِ جَعَلَ منيَ عَصفُ ريح لا تستَقِرَ في أي الأماكنِ
صَمتُكِ جَعَلَ منيَ بَرقَ سُحَب بِمناسَبة وَ بِدونَها أرعِدُ بِغَضَب عارِم
يا لصَمتُكِ ، أحيانآ يَقول لي:
الرَقم الذي طلبته ما زالَ خارجَ دائِرة التَغطية
تلك المَرأة التي أنتَ بِصَدَد البحثِ عَنها، ما زال رُقادَ قلبُها الصَخري لم يَتخلى عَن عَينَيها
بِدونكِ رُكبتايَ أصبَحتا هزيلتَين خائرتَين
مثل فَرخَة نَحيلة مرتعبة حينَ رأت قِطة بَدأت تَرتَجف
كَم القِصَةَ هذه مَليئة بالألمِ !
أحلامي أصبَحَت مِثلَ سِرب صَبايا أُنفِلنَ مِن (گه رمیان) وَهُن لِسنواتِ في (عَرعَرَ) مِنَ البَعيد البَعيد بِحَسرة يَنظَرن الى الوَطنِ
قِوايَ لَم أعد أملكَها كالسابق ولا بإستطاعَتي أن أقاومَ شَيخوخَتي
وَإذا في الخيال، أنا لا زلت ذلك الشاب الحَرِك يَرغَبُ أن يصبَحَ أحد حُراس الخَفر دومآ أترك عيناي لتَحرسكِ، لكي لا أدَعَ فَراشَة ما تتحرش بكِ، و بخلسة تلامس بأجنِحَتِها نَهداكِ
قلبي كان قلمآ مُحمَرآ، في كتابَ تأريخ ألآف وآلأف من أسماء فَتيات هذه المَدينة ، فقط بجَرة خَط تَحتَ أسمكِ تُعرَفي
كم كانَ يَومي حلوآ حينَ عشتُ لكِ، وَكم تَكون اللذةُ أحلى حينَ أموتُ لأجلكِ
أعرفُ بأنني لا أجدكِ ! أعرفُ بأنكِ يومآ ما سَوف تَقولينَ لأحفادكِ
هذا هو ذلك العاشق الذي أحَبَني بِجنون، هوَ ذلك الشاعِر بِجنون قد كتَبَ لي شعرآ و أنا بِدون شَفَقة قَتَلته و تَلَذَذتُ بسَفكَ دَمه
وَ أرسَلته الى قاعِ أسفَل جَهَنمَ، و بِلا أمَل تَركته،
أعرفُ بأنكِ تَقولينَ هذا:
وَ لكني ما زلتُ كما أنا لستُ بِنادم ، لَستُ بِنادم
ما زلتُ أحلَم بأننا في أُمسية ما مَعآ سَوف نَكونُ على حافة البَحرِ جالسين،
مَعآ نَرسل دُخانَ سيجارتنا للريح، و لذا لا أُبالي حينَ يأتي المَوتَ
فليأتي المَوتَ مَرحبآ به ...
الفيس، لايك و كومينت هي كلمات أنجليزية متداولة بكثرة في شبكة
التواصل الإجتماعي. الشاعر أدغمها و تركها كما هي بلغتها الأصلية وأنا في ترجمتي تركتها على حالها لكثرة إستعمالها والإعتياد عليها في شبكات التواصل الإجتماعي.
كلمة (گه رمیان) أسم مقاطعة مترامية الأطراف ذات مساحة هائلة في كوردستان الجنوبية. بدأ النظام الصدامي حملات الأنفال فيها لأول مرة في 1986 ثم توسعت جَرائمه و شَمَلت أغلَب المَناطق و جَميع القُرى المُحاذية لِحدود إيران، توركيا و سوريا. كُل هذه الجَرائم مُوثقة و مصَورة من ممكن الحصول عَليها في صَفَحات اليوتوب و في جَميع الصُحف و الجَرائد المقروءة و المَسموعة و المُصورة.
عَرعَر: هي مَنطقة صَحراوية حدودية عازِلة مُسيجة بالأسلاك الشائِكة بين الحدود العراقية - السعودية. بدأت سُلطات النظام الصَدامي الدموي حملات الأنفال في سنة 1986 و أستمرت الى عام 1989 والتي قامَت بأنفال الآف القُرى والمدن الكردية و أنفلوا فيها 184 ألفآ مِن الأكراد الأبرياء بأسم الإسلام بَعدَ أن تَم تَصفية الرجال والشباب مِنهم و تَم دَفنهم في المَقابر الجَماعية أمام أنظار العالم. النساء والأطفال أقتيدوا الى عَرعَر كمعتقلين، النساء و البنات مِنهن قَد تَم بَيعهن فيما بَعد في الخَفاء في البلدان العربية. و منذ ذلك الحين ما زالت مَصير ألآف منهُن مَجهولة الى الآن إلا أنه بعد سقوط الصنم في 2003 أكتشفوا في صَحراء العراق و في أماكن مُختلفة مِئات مِن المَقابر الجَماعية و التي تَم عَرضها على شاشات التلفزة المحلية و العالمية. للآن لازال البحث مستمر و بين فينة و أخرى تظهر مقابر جماعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق