أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts

******* أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts *******

الخميس، 4 فبراير 2021

محمد علي شاكر... شاعراً وملحناً.. عبدالوهاب بيراني (أراس)


عُرف ملحناً وموسيقياً، وقلة يعلمون أنه كان شاعراً وفناناً تشكيلياً أيضاً، فالفنان الراحل محمد علي شاكر الذي أبدع في تلحين الأغنية الكردية، أبدع في كتابة القصيدة الكردية والشعر الغنائي أيضاً، فقد كان منساقاً لجرسه الموسيقي وينظم عليه كلماته وأحزانه وأشجانه وآهاته.
قد صدر له هذا الكتاب الشعري تحت هذا العنوان (ستين لحناً ولحناً) وباسمه الصريح، إضافة لاسمه المستعار “Rewan Şingalî” بطباعة أنيقة ضمت أكثر من ستين نصاً شعرياً غنائياً، بالإضافة إلى نوتاتها الموسيقية ليكون من السهل الإحاطة باللحن وأرشفته وحفظه من التلف أو الضياع وليكون متاحاً للدارس وللباحث الموسيقي، فعملية “التنويط” تحمل لفتة هامة وجديرة بالاهتمام، ربما كان يطمح أن يكون كل النتاج الإبداعي تأليفاً شاملاً من الكلمة إلى اللحن ولاحقاً الغناء، على غرار الرحابنة، ولهذا شهدت العلاقة الثنائية بينه كشاعر ومؤلف موسيقي وملحن من جهة؛ وشقيقه الفنان محمود عزيز كفنان يمتلك صوتاً جميلاً وقدرات أداء عالية، حالة غنائية مميزة من جهة ثانية، لتكون مدرسة غنائية امتدت عبر أجيال من الفنانين من عائلتي “كيكي وشاكر” على صعيد التلحين والغناء، والثنائيات.
أذكر في حوار صحفي أنه أجابني على سؤال حول سبب كتابته لكلمات أغانيه قائلاً: (لم أعثر على النصوص التي أريدها، النصوص القريبة من الذوق والإحساس العام، بالإضافة إلى أنني أبحث في النصوص عن الوزن والإيقاع الداخلي وعن روحها الغنائية النائمة في عمق كلماتها وقوافيها) وهذا لم يمنعه من تلحين نصوص شعرية لكثير من الشعراء، كانت لديه القدرة على اكتشاف علاقة الموسيقا الداخلية بالنصوص، يشعر بها، يفهمها، يدركها، يهندسها، وكان دوره كملحن أعظم، لأنه كان يضع مفرداته في سياقها اللفظي اللحني ويحملها عبر موسيقا عذبة، إذ يتيح للنص حالة استماع تحرر النص من القراءة؛ كونه يكتب موسيقا النص زارعاً فيه أحاسيسه، وإبداعه، كون الملحن يعي الموسيقا الكامنة ضمن النص الشعري فيبتكر ويبدع اللحن الموسيقي، لأن الملحن المبدع هو كل الشعر، وكل القصائد، فليس ثمة إبداع أعظم من أن يزف الشاعر كلماته على أجنحة الموسيقا إلى مستمعيه قصائد قائمة بذاتها تعتمد على وجود المطرب وأدواته الموسيقية فمسارها الطربي الانفعالي مغروزة بالنص، حيث منحها الغناء جوانب جمالية ترضي حدسه وإبداعه الشخصي، وبالتالي ترضي ذائقة الجمهور.
وكون السائد عن فنون الغناء أنها تميل إلى رغبات الجماهير التي ليس لها بالضرورة ذائقة أدبية عالية وإنما لها ذوقها الموسيقي وقدرتها على الاستماع، ومن هنا كان اهتمام الأستاذ الراحل محمد علي شاكر بدور الكلمة واللحن معاً لإيمانه العميق بالقصيدة كمؤثر انفعالي وجداني في حواس المستمع ليمنحه فرصة التقاط أحاسيس مهملة قراءةً، كونها حاضرة لحنياً عبر الموسيقا فتنال من وعي المستمع، فالأغنية بموسيقاه والصوت تستحوذ على تركيز المتلقي، وعليه فإن الشعر الغنائي عبر الموسيقا الداخلية ذات الإيقاع المتولد من انتظام الوحدات اللحنية تأتي استكمالاً للأغنية الكردية التراثية، والتي تقاطعت وتقاربت في كثير من الجمل اللحنية مع إبداع الراحل محمد علي شاكر.
وختاماً يجدر الذكر أن مجمل ما تم تدوينه وتوثيقه يعود إلى منتصف ستينيات القرن الماضي، وأن بعض الكلمات تم وضعها بمساعدة وجهود الشاعر الراحل يوسف برازي، كونه كان ملماً بالموسيقا وملحنا بارعاً، وتبقى المدرسة الفنية التي أسسها مع شقيقه الفنان محمود عزيز علامة فنية في تاريخ الغناء والموسيقا الكردية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

الوجع ‏Diya Raman

سألت الدهر : متى ستمر سحابة الألم ؟ و متى ستمد يدك و تنقذني من الغرق من بحر الأوجاع ؟ أيها الليل كم أنت طويل !. مثل حقل شوك أمشي حافية في در...

المشاركات الاكثر قراءة