بسم الله الرحمن الرحيم
ديوان "وأمضي في جنوني"
اخلاص فرانسيس
إن مصطلح الاغتراب له معان مختلفة كثيرة في العلم والفلسفة ، والغريب هو أنه على الرغم من كثرة ما كتب حول الموضوع ، أو ربما بسبب كثرة تضارب الآراء والاتجاهات ، فإن مفهوم الاغتراب ما يزال يعاني كثيرا من الغموض ، وإن من الصعب تعريف المفهومات الأساسية تعريفا دقيقا ، وكل المحاولات التي بذلت حتى الآن تدور حول أمور معينة تشير كلها إلى دخول عناصر معينة أيضا في مفهوم الاغتراب ، مثل الانسلاخ عن المجتمع والعزلة أو الانعزال والعجز عن التلاؤم والإخفاق في التكيف مع الأوضاع واللامبالاة وعدم الشعور بالانتماء ، بل وأيضا انعدام الشعور بمغزى الحياة . وكل ما تقدم يعزز القول بأن الاغتراب ليس مجرد حالة مرتبطة بمجتمع معين أو تنظيم اجتماعي اقتصادي بالذات، وإنما هو ظاهرة يمكن ترصّدها ودراستها في كل أنماط الحياة الاجتماعية؛ ولذا نجد في ديوان الشاعرة إخلاص حضور الغربة من خلال الصور والألفاظ والمعاني والمعجم اللغوي:
وانكببتُ على ممارسةِ وحدتي
والكسلِ بملءِ الشّغفِ
اليومَ امتلأتُ بتأويلِ الحنينِ
ومارسْتُ طقوسَ الإهمالِ والغموضِ
وتقول أيضا:
أعرفُ كيفَ يكونُ الحلمُ
يتقاطعُ مع سكينِ الواقعِ
أعرفُ معنى الغيابِ
الذي يشظي الروحَ
وبما أن الاغتراب ظاهرة إنسانية أزلية ملازمة للوجود الإنساني، فإنها لازمت الشاعر المبدع نوع من الوعي الحاد ببعض ما يجري في الحياة النابع من نفس حساسة يجعلها تستهجن وترفض وتتمرد؛ ولعل هذا يأخذنا إلى منظور أساسي للاغتراب وهو أنه يصدر عن فكرة عقلية ناقدة أو حالة نفسية متمردة، ولا سيما أن هذه القضية مرتبطة بشكل أساسي بالحضارة الحديثة وما نتج عنها من تحولات سريعة جرت على نحو خرافي في العالم وفي أوطاننا خصوصا، فمشاعر الاغتراب لصيقة بها تزداد وترتفع كلما زادت نسبة التغير في المجتمعات.
طويلةٌ غربتي
وكثيرٌ هو اشتياقي
اصمتْ أيّها البحرُ
أجهشُ كلما رأيتُكَ
هل تعرفُ ما خلّفتهُ أمواجُكَ
ملحُكَ العالقُ بجفنيّ
أتنفّسُ ألوانَكَ
ينامُ في ذاكرتي خنجرٌ
ويتوسّدُ مهجتي
وتقول :
أنقشهُ للأجيالِ القادمةِ
أخبّئُهُ..
أثملُ بهِ في صحراءِ عمري
تشقّقتْ بحارُ ذاكرتي
تكسَّرَتْ كالموجِ
على صخرِ الأبجديِّ
ونضبَ حبرُ
إن الملامح المتغيرة والمتوترة للغة التي نلحظها عند الشاعر هي لتوتر ذات الشاعر الناتج وتوتر واقعه واليأس أحد النتائج الشعورية للاغتراب، إلا أنه عند بعض الفلاسفة دليل استشعار قيمة الحياة لأنه ليس سوى الواجهة الخلفية لما اصطلح على تسميته باسم انفعال الموجود بالحياة أو تعلق الكائن البشري بالوجود.
د. مريم الهاشمي
21-1-2021
ما أروع الناشر والمنشور ومَن بِمِجّهرها تَفحصت الحرف وأتت لنا بما تضمنتة السُطور مما هو مَستور أشكرك صديقتى فرانسيس ، على ما سطرتِ وسردتِ ولقد ذكرنى الإغتراب بسيدةِ وصانعه بل والراعى الرسمى له وصاحب النشر الحصرى له أبو العلاء المعرى فقد كان مُعترضاً بل ومُغترباً مع تواجدة فى تلك الحياة ورافضاً لها
ردحذفذنب جناه أبى علىَّ ...
وما جنيته على أحد ....
تحياتى والجورى / محمد عاطف