ربما كانت الثقافة و الفكر او اجمالا الوعي الفردي و في حالات متقدمة يتحول الى وعي جمعي مكونا وعيا مجتمعيا، كان ذلك عبر تسلسل هرمي يبدأ من الاجداد والاباء ثم الأحفاد و جاءت تعاليم انبياء و قديسين و فلاسفة وشعراء على شكل وصايا الأنبياء الى وصايا لقمان الحكيم لأبنه، مرورا بوصايا احيقار الحكيم السرياني و ليس انتهاءا بوصايا زاردشت الى تلامذته.. و نجد هنا ذاك الأب الذي خبر الحياة و عاشها و غاص بها، و ادرك جوانب بعض أمور الحياة في واقع مهيض الجناح.. يلقي تعاليمه ووصاياه العشرة الى ولده.. بلغة شعرية أبوة واضحة عميقة الحكمة تستند الى خبرة الأب في فهمه لتقلبات الزمن وغدره.. و المكافأة فيمن يعمل جاهدا يضرب في مناكبها.
الشاعر السوري المغترب محمد نزير الحمصي القدير في هذا النص يمنحنا خميرة الحياة في وقت كثر جعجعة الطحن دونما طحين..
_ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصايا الحمصي العشرُ
من ديوان: أبيض وأسود
(مجموعة سلاسل الذهب)
شعر : محمد نزير الحمصي
احذر ثلاثاً يا بنيَّ لكي تظلْ
حرّاً كريماً في الحياةِ بلا خجلْ
الشّركُ بالله العظيمِ كبيرةٌ
ما أظلمَ الأفعى كما قالَ المثلْ
تعفيرُ خدِّكَ ذلّةٌ، منها ارتعشْ
ثوبُ الذّليلِ معفّرٌ مهما غُسِلْ
ومع النّساءِ حذارِ لا، لا تنْحَرفْ
كيدُ النّساءِ يَضُرُّ لو يوماً حصلْ
واعلمْ ثلاثاً يا بنيَّ اعملْ بها
كلّ امرئٍ أعداؤه ما قد جَهلْ
اعملْ بصمتٍ واجتهادٍ إنّها
خيرُ النتائجِ وحدَها إن لم تقلْ
اللهُ يُجزي المرءَ حُسنَ صنيعِهِ
خيرُ الثّوابِ يدومُ من خيرِ العملْ
صاحبْ خليلَ الحُسنِ تعلُ مكانةً
فمن الخليلِ السّوءِ لا يُرجى الأملْ
الليلُ يحملُ في ثناياهُ الأسى
سَهمُ الليالي جُرحُهُ لا يندملْ
جدٌّ وجدٌّ لن ترى إلّا العلا
إنّ الجزاءَ العَدلَ من جنسِ العملْ
حَملُ الأمانةِ ديننا أوصى بهِ
ردُّ الأمانةِ واجبٌ مهما حصلْ
لا تنسَ ذكرَ اللهِ معتصماً بهِ
إنَّ السعيدَ هو الشّكورُ بلا خَطلْ
وكلامُ زورٍ إنْ دُعيتَ فلا تقلْ
ندٌم عظيمٌ واجبٌ دفعُ البدلْ
اعلم بأنّ الصّبرَ مفتاحُ الهدى
العيشُ يأسٌ كلُّهُ لولا الأملْ
ذقْ في الحياةِ مرارةً وقساوةً
من يخشَ لسعَ النّحل لا يجنِ العسلْ
خذ الوصايا صِرْنَ عشراً كلّها


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق