أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts

******* أيقونة ميزوبوتاميا للآداب والفنون Icon Mesopotamia for Literature and Arts *******

الجمعة، 9 أبريل 2021

( أبو صالح ) (ذكريات ٦ ) محمد عاطف



كان فلاحاً بسيطاً يَعرف مبادئ القراءة والكتابة من تعليم كُتاب القرية ، وكان يمتلك خِفة ظِل وذكاء عِلاوة على كَونهِ حَكّاءاً مُمتعاً وراوياً بارعاً من الطِراز الأول ، وقد كُنا لا نَشبَع من حِكَاياته وقِصصة التى كان يرويها لنا والتى لا تَخلوا من المُبالغة ، ودائماً ماكان يأخذ فى حكاياتة أَدوار البُطولة المُطلَقَّه ، فلقد كُنا حِينئذٍ صِبيةً صِغاراً نَلتَفُ حولَ هذا الرجل الأسطورة بالنسبة لنا والماتع أيضاً كى نستمتع بِرواياتة ، حيث لم يكن تم توصيل الكَهرباء بالبيوت بَعد إٍذنٍ ، ولا أجهزة التِلفاز بالطبع موجودة ، ما خلا الراديو الذى كان يعمل بالحجارة التورش ، فقد كانت مُعظم حِكَاياتة تَدُور حول أيام كان يقوم بتأدية الواجب العسكري بالقوات المُسلحة المِصرية كما كان يُسميه ، ولقد رَوى لنا أنه مَكث لمدة سِت سنوات كاملة بالخدمة ، حيث أنه تم تجنيدة أيام حرب الإستنزاف فَمَكث حتى إِندلاع حرب أكتوبر المجيدة سنة ١٩٧٣ وقد شارك بها أيضاً ، أبو صالح أخبَرنا أنه كان يَخدِم بِسلاح الطيران ، وعَرِفنا منه أَنواع الطائرات من الفانتوم والنفاثة والميج والمِيراج واسكاى هُوك والهِليوكُوبتر ، وكان يشرح لنا الفرق بين تلك الأخيرة وباقى الطائرات فكان يقول الهِليوكُوبتر طيارة مَروحية وتُقْلِع عمودياً ، فنسأل بإندهاش مامعنى عمودياً يا عم أبو صالح فيقول وهو مُنتشياً بعد أن يَتكئ فى جِلسته وينفُث دُخان سِيجارتةِ بالهواء ثم يُدير السِيجارة بين أصابعة مُحركاً إيِاها يَميناً ويَساراً ناظراً إليها بإحدى عينية ثم يَكُح ويَسَعل ، شوف يابنى مِنكْ لُه الإقلاع العمودى معناة لأعلى مباشرةً لأن الطيارة لا تَسير على مَدرج المطار ( أرضية المطار يعنى ) كما كان يُفهمنا ولكنها بواسطة المراوح والتى ترفعها لأعلى ومن ثَمَ تَطير ، فلقد أفهمنا أنه يعرف جميع أنواع الطائرات ويخاف على عقولنا لكى لا تَشِّتْ لأنه حَفَظ الطيارات واحدة واحدة وقام بتفكيكها حتة حتة ثم جمعها مرة أخرى !!! ، ولقد كان أيضاً مِظلياً بارعاً من الدرجة الأولى ، كما رَوى لناَ وأخبرنَا فِعندما كان بأرض التدريب بقاعدة بلبيس ، للتدريب على إِبرَّار جَوى يعنى القَفز من الطائرة بالمِظلة ، فلم يكن يَفتح المِظلة ويهبط على الأرض قبل قيامه بجوله فى السماء ، فينتقل من مَوقع التدريب إلى القاهرة ويقف بالسماء أعلى العمارة التى كان يسكن فيها أخيه الكبير بحى المَطرية بالقاهرة ، ثم يُلقى على تِلكَ العِمارة رسالة وهى خِطاباً مَكتوباً باليد يُخبر أخيه بأنه بِخير ويُطمئن جمَاعتهم بالبلدة علية ويُوصِلْ سَلامة لِجميع الأهل والأحباب وكذا الأقارب والجِيران فرداً فرداً ، ثم يَعود أدراجة إلى أرض التدريب ويهبط بالمظلة بسلامة الله تعالى أمام إِندهاش القادة الذين كانوا مازالوا جالسين بانتظار أبو صالح !! ، ولقد حكى لنا ذات مَرهْ أنه فى أثناء حرب أكتوبر قام بِأَسرّ جُندى إسرائيلى ثم قام بتكتيفه بالحِبال ، وحَملة على كتفة مسافة إثنين كيلو متر ، وقام بتسليمة لقائد الكتيبة المصرية وتم تكريمة على هذا العمل ، وحصل على نِيشان وشِهادة تقدير ، أبو صالح كان يَحكى ويندمج فى حِكاياتة ونَحنُ له مَشدُوهين مُندَهشين ، فلقد كان يَملُك خَيالاً فَسيحاً وكُنا نَستمتع بحكاياتة ، وعندما كَبِرنَا عَلمنَا فيما بعد من أَهَالينَا أن عَم أبو صَالح لم يُؤدى الخِدمة العَسكرية من الأساس !!!! لأنه عندما تقدم لتأدية الخدمة العسكرية حصُلَ على إعفاء نهائى من الخدمة حيثُ كان غَير لائق طِبياً .... علية رحمة الله تعالى
ذكريات بقلم / محمد عاطف
كاتب وشاعر من مصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

الوجع ‏Diya Raman

سألت الدهر : متى ستمر سحابة الألم ؟ و متى ستمد يدك و تنقذني من الغرق من بحر الأوجاع ؟ أيها الليل كم أنت طويل !. مثل حقل شوك أمشي حافية في در...

المشاركات الاكثر قراءة