حين رأى الضياء ومَضاتِ خدكِ؛
بُخِسَت عنده ومَضاتُها،
أشفق القمر على نفسه؛
إذ لا يرفعُ أحد ما رأسه كي يراه،
توسل الربيع إلى الخريف وقال له:
في تقويم الفصولِ سجِّلِ التاريخَ هذا باسمي؛
ولتكن شهوري الثلاثة من نوروز وورود وأزاهير لك...
من أجلكِ ما طاوع قلبُ الخريف أن يُسقِطَ الأوراق؛
فقد خرق الثلج قوانين الطبيعة ولبس أردية ملونة،
بدلا من الرداء الأبيض...
عادت الزرازير قبل موعد إيابها من السفر؛
طاف النسيم زقاقا بعد زقاق وأخبر الكبار والصغار؛
فانهمرت العطور في المدينة بدلا من المطر...
قال النحل: لقد ساد سوقَنا الكسادُ؛
فلن يبتاع أحد ما عسلنا وإن عرضناه في مزاد...
ابتهجت الفراشات كلهن وتطلّعنَ إليك؛
كن يصرخن:
هذه هي "أمنا الكبيرة"...
أحضر السناجب مهرجان الجوز؛
وامتلأت أفواه الملائكة بالماء حسرة؛
إنهم يتحاورون فيما بينهم:
كيف تدحرجت هذه التفاحةُ من باب "الريان"
وسقطت على الأرض؟
وكما في صباحات العيد؛
ارتفع صوت "الله أكبر" في المساجد،
وصُنعَتِ الحَلْوَيات وأُهدِيَت إلى الناس بيتاً بعد بيت...
كل المعاقين استقاموا على أقدامهم؛
والمزارعون يتناوبون على ذكر اسمكِ،
على صداح "الحيران"...
تصلبت أيادي الصيادين،
وقالوا: في هذه المناسبة السعيدة؛
كيف نطلق الرصاص على الفرائس؟
فقد توقفت الحرب،
وعاد الجنود الى حرارة أحضان حبيباتهم،
وتبادل العشاق الورود الحمراء مثل فالانتاين،
وكتب "نالي" شعرا نديا جديدا لـ(حبيبة)؛
وانحلت عقدة لسان "دلدار"؛
غادره الخجل؛
وقال لـ (بهية): إنّي مُتيَّمُكِ...
فتحت القلعة المسنة دفتر تاريخها؛
وبحبر معمول من الضياء والشعاع؛
كتبت "المنارة" القصية بخط جميل:
"من الآن فصاعدا، لن نبادل ذرةً من تراب هذه المدينة بقصور قيصر"...
كل الصخور استحالوا قطناً؛
وعضت "فينوس" على شفتها وتوارت عن الأنظار،
ومازالت دون عنوان...
إنطفأت نيرانُ جهنمَ؛
وَدّ أهل الجنة لو يعودوا إلى الأرض؛
وعفا الله عن الشيطان...
كان ذلك هو اليوم نفسه؛
قد كُتِبَ فيه تأريخ موتي أنا أيضا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق