الكاتب و الناقد الكردي السوري " عبدالوهاب بيراني"
و الشاعر الروائي الفلسطيني الأردني "ناصر قواسمي "
تم تشكيل الهيكل التصعيدي الكثيف المتكامل للقصة الثلاثية الاشتراك ، و التي وضع عنوانها الأستاذ عبد الوهاب بيراني .. *حلم أزرق*
نعرضها لكم تالياََ مع الإشارة بنجمة و أول حرف من اسم المشترِك عند بداية كل مشهد تابع لكاتبه .
و قبل عرض القصة أود تقديم الشكر و الامتنان لكل الذين شاركوا من المبدعين و المشجعين مع بالغ الاعتزاز و التقدير .
...........................
حلم أزرق
* ج : كان هاني يأكل هواء الصباح كل يوم على طول الرصيف المؤدي إلى فرن الخبز السياحي .. فإذا ما قطع امتداد الرصيف مَفرَق طرق نسي كيف يؤكل الهواء ..
لم يكن يعنيه الوصول باكراََ ليأخذ موقعاََ متقدماََ من الرتل المترادف أمام شباك الفرن .. بل كل ما كان يعنيه .. * ع : أن يستعيد ذاكرته، حاول مرارا ان يمسك بتلابيب الحلم، لكنه كان يفر مذعورا كعصفور فاجأه صياد متربص بحياته، احس باصابع من حديد تنهش معدته الخاوية.. كيف له ان يفكر و الجوع كابوس لا ينتظر، كان الطلبة و التلاميذ يملؤون الشارع صخبا في توجههم لمدارسهم.. كان الصباح لا زال طازجا.. كرغيف خبز خرج للتو من تنور الفرن..
حلم بحقول قمح خضراء.. و اسراب العصافير، تحولت الحقول الى بيادر ذهبية، انها النار بددت كل الحقل.. الجوع،
لا شيء سوى المزيد من الحلم.. اغمض عينيه.. راي القمر في مكان بعيد.. لوح له.. اخذ القمر شكل رغيف..
فتح عينيه ....* ن : رأى السماء تلبس قميصها البرتقالي وتنزل أدراجها واحدة واحدة، كم غريب أن تهبط السماء، أن يصعد الجدار، أن يكتفي الجائع بعضّ الجوع والقبض على معدته! لا شيء يشبه الجوع، لا وقت يكفي لمغازلة العصافير الطائشة، لا ماء صالح للوضوء أو الإغتسال
كل شيء الآن فراغ يحملق بالوحيد على الناصية يمسك الحلم بيدٍ من تمر وحطب ويلوّح للمارة .. * ع : تجمع المارة، و تلاميذ المدارس حوله، الفضول دعا قاطني الأدوار العليا على مراقبة ما يحدث من خلال زجاج نوافذهم، توافد الباعة الجالون، و توقفت سيارات الاجرة، و اكتظ المكان بالبشر..و عند فرن ليس بالبعيد عن المكان تخلى الناس عن دورهم.. خرج عمال الفرن ايضا..تصاعدت راىحة الخبز المحروق من الفرن، تنبهت دوريات الشرطة للحدث... حضرت وحدات مكافحة الشغب..
خبر عاجل: اضراب سكان مدينة x عن الخبز .........
* ن : حطت العصافير من علوّها تراقب المشهد، وتلقّط أسبابها من الفضول والدهشة.
أيعقل أن يُضرب الناس عن الخبز،
عن المشي خفافًا في حقول الزعتر
أيعقل أن تنكر المرايا وجوه أصحابها!
واكتفى الغياب بالنظر إلى الوجوه الذاهبة في تفاصيل الحزن والجوع
واكتفى الحزن بالحزن
والنار تتمطط وحيدة في صحن الفرن،
لا خبز يراودها،
لا يد تمتد فتنكزها،
لا قماش كي تحرقه في مجاز فكرتها
غفت الريح،
نام الناس ببطون خاوية،
وفاض على الأرض قميص البؤس، والغريب بسحنته البلهاء يراقب المشهد
ويكتفي بالفراغ يحوطه ويقبض على خاطره .... * ع :
قبيلة من الفراشات بأجنحة بيضاء حملت فوانيس الرغبة، و لهب الفانوس يتراقص في مهب الريح.. جسد هاني مسجى على عشب ندي نبت جانب الرصيف بغفلة عن المارة، كفن ابيض سماوي.. و جمهرة شيعته نحو بيادر القمح.. نحو تلة قريبة تشرف على حقول ممتدة على مد النظر.. و على مرمى جوع شاحنات كبيرة مكدسة باكياس القمح تغادر عبر الطريق الدولي الى بلدان لا يقيمون وزنا للافران، و لا يحفلون بوجود الرغيف على موائدهم.. شعوب لا تتقن فنون الطبخ، و لا يحتفون بالموائد المرصوفة، اتذكر بدر شاكر السياب للحظة وهو يصرخ ببلادي جوع.. و قطرات مطر تبلل جسد هاني.. و قافلة الفراشات تشيعه الى سماء علوية.. الى مكان قصي بهي ندي، شهي..
عيناه لا زالتا تحلمان بوطن حر و شعب سعيد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق