الشاعر المصري محمد آدم ينتمي إلى جيل الشعراء اللذين ارتقوا بأبداعهم الشعري ،في زمن درويش و انسي الحاج و سليم بركات ،و غادة السمان ..في سبعينيات القرن الماضي و خلال عقدين من الكتابة الشعرية المختلفة كان قد اجتاز مرحلة هامة و اثبت نفسه كشاعر له تميزه و خطه الشعري ،حاربته الكنيسة ،و حاربه الازهر ايضا ،و مارسوا مقادرة كتبه و تعرض للتهديد اكثر من مرة ،بسبب اراءه السياسية و موقفه من الدين و قضايا شتم الذات الألهية و قد التزم بالأبتعاد عن الأضواء ،لكنه استطاع تشكيل مجاميع شعرية شابة ،ممن تأثروا بأسلوبه ،فالجماعات الادبية التي تأثرت به اشتغلت على تجربته و بشكل خاص على اللغة الشعرية المختلفة حيث تناول الجسد و مادياته ازاء اللاهوت و الذات الالهية اللامرئية .
تخرج في كلية الآداب جامعة عين شمس قسم الفلسفة وصدر له: متاهة الجسد (الأعمال الشعرية) ,1988 كتاب الوقت والعبارة 1992
أنا بهاء الجسد واكتمالات الدائرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب ,1992 هكذا.. عن حقيقة الكائن وعزلته أيضا ,1995 نشيد آدم، وقد ترجمت نصوصه إلى اللغات الإنكليزية والفرنسية والألمانية و الكردية و الامازيغية ..
مازال يمارس شغبه الكتابي و بعد تجربة امتدت لخمسين عاما ..تعالوا نجلس على رصيفه الشعري و نقرأه معا :
تعال لنجلس معا علي الارصفة
لنقرا كتاب الساعات
فوق موانئء البحر الابيض المتوسط
ولنصنع سفينة شراعية
تاخذها الريح الى بحيرة قارون
او الى اعماق اليم
وهناك
ربما نجد الله واقفا على شاطئه الرملي
وفي يده يضع العالم فوق تفاحة معطوبة
وهو ينظر الى العصافير
وزهرات اللوتس
ويبحث عن زوربا بين اكياس القمامة
وسلسلة من الجماجم المركونة الى احدى جدارياته القديمة
ويقول :
انظروا…
سوف اواصل صناعة الجماجم
وابعث الالاف من الانبياء والرسل
اولئك الذين باعوني على الارصفة
ومحلات الجزارة
الايروتيكية
من اجل حبة رمل
او خاتم على مؤخرة امراة
انا
في يوم ما
وبعد أن زهقت من الوحدة قلت لنفسي
لم لا تصنع غابات
وانهارا
لم لا تصنع
بشرا من قواقع فخارية
يمشون في الاسواق
ويقتل بعضهم بعضا
اصنع الاف الطغاة
لكي استمتع بانهار الدم
بدلا من كل تلك الفواكه المحرمة
وقلت يا أدم اهبط الى الارض
وابحث
لنفسك عن شجرة الخلد
ولاتجلس تحت هذه الشجرة بالذات
لأنها لي
وليست لأحد سواي
هاهي حواؤك تجلس معك
بيضاء ناصعة
لها صدر من بنفسج
ومؤخرة من ذهب مكتوم
فتش بين ساقيها عن اقمارك المرصعة بالشمس
وعلى جسدها اكتب كافة كلماتك
ولا تعبأ باي شىء اخر
امش في السكك
واملأ شفتيك من لبنها المسكوب
وغني
غني طويلا لكل شىء
للشجرة الواقفة على ضفة النهر
للفراشة التي تبات وحيدة فوق جذع نخلة
للوردة التي تحلم بالليل
وفي الصباح
ترقص تحت السماء
غن
للمرأة التي تحلم برجل يملأ جرتها بالماء
للطفل الذي يبكي على صدر امه
وهو ينزل الى مزارع البطيخ
والبرتقالات
للعجلة المركونة الى رصيف خال من المارة
للنملة التي تصنع بمفردها قارة
من الفانتازيا
للسماء التي تبحث عن الليل في النهار
والنهار الذي يبحث عن الليل
في خرم ابرة
غن
يا أدم
انا نفسي أخطأت في صنع العالم
كنت اريد ان اصنع عالما من الفراشات
ودود القز
فإذا بي اصنع عالما من الموتى
يوما ما وقفت على ساحل العاج
وقلت لنفسي لم كل هذه الجماجم
واين يذهب هؤلاء الموتى في نهاية الامر
انا سئمت من كل هذه المقابر
اخترعت الالف والنون
لأصل الئ معنى واحد لكل ماصنعت
قلت اخترع الشيطان لتكتمل بقية اللعبة
ومن يومها ونحن نلعب الشطرنج
على رقعة العالم الواسعة الى ان اكتشفت ان الشيطان نفسه
قد جلس امامي على رقعة العالم الواسعة هذه
وقال لي
الان انتهى دورك أيها الأله الغبي
لم صنعتني بالاساس
وكيف لك ان تنتهي من هذه اللعبة
انا
وانت على ساحل البحر
نلعب بالجغرافيا
ونزور التواريخ
ماذا ستصنع بكل هذه الجثث
واين ستذهب احلام كل اولئك الموتى
ساقول لك شيئا
حاول أن تنزل إلى الأرض
حاول أن تجوع ليلة ما
او ان تقف وحيدا في المستنقعات
ان تحمل فوق ظهرك مدفعا رشاشا
وان تقف بين جنود الحرب العالمية الثانية
حاول أن تقف مع محمد في غزوة الخندق
وان تكون مع سلفادور دالي في احدى لوحاته
لماذا لم يكتبك سوفوكليس
ولم لم تنام معك امراة واحدة حتى اللحظة
انت صنعت الخير
والشر
فلماذا تقعد وحيدا بين كل تلك الخرائب
أفلا تحلم
ولا تشتهي
أفلا تشعر بالياس
والى متي ستظل في خندقك العتيق هذا
اجمع عظام أمواتك
وكافة صورك التي على الماء
وتعال لنذهب معا في رحلة خلوية
انت تحكي لي عن خرائط المدن والبلدان
وانا
اخلع كافة ملابسي واغني اغنيتي الوحيدة
التي كتبتها
على كل خرائطك
التي صنعتها من مواويل
ساحراتك الشمطاوات
ولننظر معا
او ننتظر لمن ستكون الغلبة في النهاية
انا صنيعتك المشوهة
ولعبتك الموقوتة
وانت الهي
الذي يتمدد على ساحل الكرة الارضية
ها
ها
هأ
الى اللقاء ياالهي الذي اخذته العزة بالاثم
ألم اقل لك انت صانع الخير
والشر
فلم انت تنتظرني
وامام بوابة الجحيم اذن؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق